وبما ذكرنا يتضح أن كلامه إنما ينفع فيها ، لأن عصيان الأمر بالسفر أو بترك الإقامة في كل ان من النهار قبل الزوال شرط لوجوب الصوم في ذلك الآن.
كما عرفت خروجها عن المهم من الترتب الذي هو محل الكلام ، وإنما المهم ما إذا كان عصيان الراجح شرطا متأخرا لفعلية المرجوح.
نعم ، من يرى امتناع الشرط المتأخر ـ كبعض الأعاظم قدّس سرّه ـ يمكنه التخلص بفرض كون الشرط المقارن هو تعقب العصيان المنتزع في الزمن السابق من تحققه في الزمن اللاحق ، حيث لا فرق عملا بينه وبين كون العصيان بنفسه شرطا متأخرا. فلا بد من النظر في توجيه الأمر الترتبي معه مع استلزامه التكليف بالضدين.
إذا عرفت هذا ، فقد يوجه الأمر المذكور بأنه وإن استلزم التكليف بالضدين المفروض تعذر الجمع بينهما ، إلا أن ذلك حيث كان باختيار المكلّف عصيان الراجح لم يكن محذورا ، لقدرته على عدم عصيانه فلا يكلف بالمرجوح ، والامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
ويشكل بما ذكره غير واحد : بأن امتناع التكليف بالضدين وما لا يقدر عليه المكلف لا يختص بما إذا كان موضوع التكليف خارجا عن اختيار المكلّف ، بل يجري حتى مع كونه باختياره ، لما تقدم من أن الغرض من التكليف إحداث الداعي للمكلّف نحو امتثاله ، فمع تعذر امتثاله يكون التكليف لغوا.
وقاعدة أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار إنما تنفع في استحقاق العقاب على ما يستند تعذره للاختيار ، لا في تصحيح فعلية التكليف بما يستند تعذره للاختيار ، فضلا عن تصحيحه بمجرد استناد موضوعه له ، كما في المقام.
فالعمدة في دفع المحذور المذكور ما ذكر في كلام غير واحد ..
وحاصله : أن تعذر الجمع بين التكليفين في الامتثال إنما يمنع من الجمع