المستحق بعصيان الراجح ، لما فيه من استيفاء ملاكه المشارك لملاك الراجح في بعض مراتب الأهمية. والتي ذكرنا أن الحال بالإضافة إليها نظير الواجب التخييري. فيكون عقاب من اقتصر على عصيان الراجح من دون أن يبتلي بالمرجوح أو مع الابتلاء به وعصيانه أشد من عقاب من ابتلي بالمرجوح فامتثله بدلا عن الراجح.
فالعقاب في المقام كالعقاب الحاصل بترك التكليفين غير المتزاحمين إذا كان أحدهما وافيا ببعض ملاك الآخر ، كالأمر باللبن بملاك كونه شرابا وغذاء ، والأمر بالماء بملاك كونه شرابا ، حيث لا إشكال في لزوم التكليف بهما بنحو التكليف الترتبي بالضدين ، في كون الراجح مطلقا والمرجوح مقيدا بعصيان الراجح ، مع خلوهما عن إشكال التكليف بالضدين.
كما لا إشكال في أنهما لو عصيا معا لم يستحق الا عقاب واحد بقدر عقاب عصيان الراجح ، ولو عصي الراجح وامتثل المرجوح لم يستحق الا بعض ذلك العقاب بلحاظ ما لم يستوفه المرجوح من الملاك ، ولا فرق بين ذلك والمقام في كيفية الاستحقاق ارتكازا ، وإن افترقا في أن وحدة العقاب في ذلك لقصور الملاك ، وفي المقام لقصور المكلف وعجزه عن امتثال التكليفين ، كما يفترقان في كيفية الملاك للتداخل بين الملاكين في ذلك والتباين بينهما في المقام ، لأن الفرقين المذكورين كالفرق بين التكليف التخييري الأصلي والتكليفين المتزاحمين المتساوي الأهمية ، الذي عرفت أنه لا يوجب فرقا في كيفية استحقاق العقاب.
ومنه يظهر أنه لا مجال لدعوى كون الخطاب الترتبي المرجوح إرشاديا ، بلحاظ عدم استتباع مخالفته العقاب زائدا على عقاب مخالفة الراجح ، إذ يكفي في مولويته استتباع موافقته تخفيف العقاب الواحد اللازم من عصيانهما.
على أن المعيار في مولوية التكليف ليس هو استتباعه الثواب والعقاب ،