التعارض. وقد أطال الكلام في بيان ذلك وفي المقدمات التي يبتني عليها.
والذي يتحصل مما تضمنه تقرير درسه لبعض مشايخنا : أن موضوع الأحكام التكليفية لما كان هو فعل المكلف ، وهو المبدأ المصدري ، كالقيام والصلاة والسفر والغصب وغيرها ، فإن كان أحد المبدأين الصادرين من فاعل واحد مبانيا للآخر وجودا وإيجادا ، بمعنى أن إيجاد أحدهما لا يستلزم إيجاد الآخر ، كالصلاة والنظر للأجنبية ، خرجا عن محل الكلام من فرض اجتماع العنوانين في موجود واحد ، بلا إشكال.
وكذا إن كانا موجودين بتأثير واحد ، بنحو لا يمكن التفكيك بينهما في الخارج إلا أن الإشارة الحسية لأحدهما لا تكون إشارة للآخر ، كاستقبال المغرب واستدبار المشرق.
وإن كانا موجودين بتأثير واحد ، وكانت الإشارة لأحدهما عين الإشارة للآخر ـ كالغصب والصلاة في الدار المغصوبة ـ كان بينهما نحو من التركب ، لكن التركب المذكور ليس اتحاديا مبنيا على اتحادهما في الموجود الواحد ، بل هو انضمامي يبتني على امتياز أحدهما عن الآخر حقيقة ، بخلاف العنوانين الاشتقاقيين منهما ـ كالغاصب والمصلي ـ فإن التركيب بينهما يكون اتحاديا.
والسر في الفرق : أن مبدأ الاشتقاق ـ ومنه فعل المكلف ـ ماهية واحدة موجودة في جميع الأفراد ، فالصلاة في المكان المغصوب متحدة مع الصلاة في غيره ماهية ، والغصب الموجود في ضمن الصلاة متحد مع الغصب الموجود في غيرها ، والبياض الموجود في اللبن متحد مع البياض الموجود في العاج ، فمع اجتماعهما في الموجود الواحد يمتنع اتحادهما في الخارج ، لاستحالة صدق الماهيتين المتباينتين في فرد واحد ، لوضوح أنه ليس للفرد إلا ماهية واحدة.
وحينئذ يتعين أن يكون التركب بينهما في الخارج انضماميا مع التعدد حقيقة ، ويدخل في موضوع مسألة الاجتماع.