النهي عنه مرجوحيته ، بحيث يكون تركه أرجح من فعله (١) ، بل ظاهرها الحرمة لو لا المفروغية ظاهرا عن مشروعيته وإن كان تحقيق ذلك موكولا للفقه ، وهو خارج عن محل الكلام.
ولا مجال في الفرض المذكور للبناء على ثبوت الأمر الترتبي معلقا على مخالفة الكراهة ، لأن مخالفتها إنما تكون بموافقة الأمر ، فاناطة الأمر بها راجع لطلب الحاصل ، نظير ما تقدم في التنبيه الأول.
ودعوى : أن ذلك يختص بما إذا كان ملاك الأمر مترتبا على مطلق الوجود ، وأما إذا كان مترتبا على حصة خاصة من الفعل فلا محالة يكون المورد داخلا في صغرى التزاحم الذي يمكن فيه الترتب ، كما في المقام ، حيث يكون ملاك الأمر مترتبا على الفعل بما هو عبادة مقصودا به الترتب ، فلا تكون مخالفة الكراهة بالفعل كافية في موافقة الأمر ، ليلزم من فعلية الأمر حينه طلب الحاصل.
مدفوعة : بأن ذلك إنما يتم لو لم يكف الفعل لا بقصد التقرب في ترتب ملاك الكراهة ، كما في مثل التزاحم بين استحباب الصوم واستحباب إجابة المؤمن بالأكل عنده ، حيث لا يكفي في موافقة الثاني الامساك لا بنية الصوم التقربي ، وحينئذ يمكن الأمر بالصوم التقربي بنحو الترتب معلقا على عدم إجابة المؤمن ، وهو خلاف المفروض في المقام ، لوضوح أن المنهي عنه تنزيها هو العبادة بما هي عبادة ، كصوم يوم عاشوراء والصلاة في الحمام ، فلا تكون مخالفته إلا بالفعل التقربي الذي يتحقق به موافقة الأمر العبادي.
وبعبارة اخرى : الأمر في المقام دائر بين النقيضين ، إلا أنهما ليسا مطلق الفعل وتركه ، بل خصوص الفعل العبادي وتركه ، وهو كاف في امتناع أمر العبادة بنحو الترتب.
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ٧ باب : ٢١ من أبواب الصوم المندوب.