نظير ارتكاب أقل القبيحين».
وفيه : أنه بعد فرض الاضطرار لارتكاب المرجوح وعدم صلوح ملاكه المرجح له للمنع ، فلا أثر له في مزاحمة ملاك الوجوب ، وإن كان هو أقوى منه بدوا.
وبعبارة اخرى : في ظرف لزوم فوت ملاك النهي بسبب الاضطرار يكون اختيار المجمع أرجح من عدمه لأن تركه يستلزم فوت كلا الملاكين وفعله يستلزم تحصيل أحدهما ، وهو أرجح من فوتهما معا ، فمرجوحيته في نفسه لا ينافي رجحانه عرضا في حال الاضطرار المفروض ، فيلزم الأمر به شرعا في الحال المذكور. ولو لا ذلك لم يكن وجه للوجوب العقلي الذي ادعاه قدّس سرّه ، لعدم الفرق بين حكمي العقل والشرع في لزوم مراعاة الرجحان المذكور.
ودعوى : كفاية الحكم العقلي المذكور عن حكم الشارع في حفظ الملاك ، ومعه لا فائدة في حكم الشارع.
مدفوعة : بأن حفظ الملاك بالتشريع مختص بالشارع وليس للعقل إلا الحكم في مرتبة متأخرة عنه بلزوم متابعته وإطاعته ، ولو لا ذلك لزم اكتفاء الشارع الأقدس ببيان الملاكات عن جعل الأحكام على طبقها.
واختصاص العقل بالحكم باختيار أقل القبيحين إنما يكون مع قيام الشارع بوظيفته في حفظ الملاك بالتشريع ، كما لو أراد المكلّف لداع شهوي أو نحوه مخالفة أحد تكليفين للشارع مختلفي الأهمية ، فإن العقل يحكم بأولوية موافقة الأهم فيهما.
هذا ، ويظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه امتناع الأمر مع كون الاضطرار بسوء الاختيار ، لا لقصور في الملاك ، بل لوجود المانع ، وهو كون الفعل معصية ومبغوضا ومستحقا عليه العقاب ، لدعوى منافاة ذلك للأمر به ، الذي هو فرع محبوبيته ومستلزم لكونه طاعة مستحقا عليه الثواب ، وهذا هو الفارق بين