الاضطرار المذكور والاضطرار لا بسوء الاختيار.
ويندفع : بأن مبغوضية الماهية من حيثية تفويت الملاك الأهم لا تنافي محبوبية خصوص المجمع بعد لزوم فوت الملاك المذكور ـ بسبب الاضطرار ـ لأجل تحصيل الملاك المهم ، فهو بعد الاضطرار محبوب فعلا وإن كان مبغوضا اقتضاء. ولا فرق بين الاضطرارين بالإضافة للملاك الذي هو المعيار في المحبوبية والمبغوضية والأمر والنهي.
بل تقدم أن التكاليف الشرعية لا تتقوم بالمحبوبية والمبغوضية بل بالخطاب بداعي جعل السبيل التابع لحال الملاك الذي لا يفرق فيه بين الاضطرارين ، وإنما الفرق بينهما في المؤاخذة على الحرام بسوء الاختيار ، وعدمها إذا لم يكن كذلك.
ولا دخل لذلك في إمكان الأمر ، إذا لا تبتني المؤاخذة على الحرام إذا كان الاضطرار بسوء الاختيار على كون الفعل بنفسه حين وقوعه معصية فعلية ، لفرض سقوط النهي ، بل على الاضطرار مصححا للعقاب عليه في وقته بلحاظ تفويت ملاك الحرمة به ، وهو لا ينافي الأمر به تبعا للملاك الآخر بعد فرض لزوم فوت ملاك الحرمة على كل حال بسبب الاضطرار ، فيقع امتثالا للأمر بعد فعليته ، وإن كان الاضطرار منشأ للعقاب عليه ، لاستناد تفويت ملاك النهي إليه.
وأما كونه معصية للنهي فإنما هو بمعنى منجزية النهي عنه حين الاضطرار بحيث يقتضي المنع عن الوقوع في الاضطرار ويعاقب بسببه بمقدار ما يقع من الحرام ، لا بمعنى كونه معصية وتمردا حين وقوعه بعد الاضطرار وبعد سقوط النهي ، ليمنع من الأمر به ووقوعه طاعة للأمر المذكور.
وبالجملة : ظرف القبح الفاعلي الذي هو مورد المنع العقلي ويمتنع معه الأمر هو ظرف القيام بسبب الاضطرار ، لا ظرف الفعل بعده ، وإن كان مورد القبح الفعلي هو ظرف الفعل بعد الوقوع في الاضطرار ، وهو لا يمنع من الأمر به بعد