الأول : أن الأثر لما كان من الأحكام التابعة للشارع ، وترتبه على المعاملة ليس لخصوصيتها الذاتية التكوينية ، بل لإمضائها من قبله الراجع لحكمه بالأثر بعد تحقق المعاملة ، فمع فرض ترتب المفسدة عليه ومبغوضيته للشارع تبعا لها ، ولذا حرّمه ، كيف يمكن جعله من قبله وحكمه بترتبه ، إمضاء للسبب ، بل يتعين عدم ترتبه الراجع لفساد المعاملة.
وقد يدفع ذلك بإرجاع النهي عن الأثر إلى النهي عن المؤثر ، لأن الأثر ليس فعلا للمكلف ، لا بالمباشرة ، كما هو ظاهر ، ولا بالتسبيب لعدم كون سببية السبب ذاتيه ، بل هو تابع لاعتبار الشارع الذي هو بيده ، فيمتنع نهي المكلف عنه ، ويتعين رجوع النهي عنه للنهي عن إيجاد المعاملة بنفسها ، لأنها الأمر الاختياري له ، فيلحقه حكم الصورة الاولى.
وفيه : أن النهي وإن كان راجعا إلى المعاملة ، لما ذكر ، إلا أن المفروض كون موضوع المفسدة والمبغوضية هو الأثر ، وسراية النهي منه إلى المعاملة ليس لكونها بنفسها موضوع المسألة والمبغوضية ، بل لأنها الأمر الاختياري الموصل اليه في الجملة ، القابل لأن يكلف به ، مع كون موضوع المفسدة هو الأثر ، فيعود الإشكال.
ولعل الأولى دفعه ـ مضافا إلى أن لازمه البطلان مع كون النهي تنزيهيا ، لأنه أيضا ناشئ عن مفسدة لا تناسب جعل الشارع له ، وإن لم تكن بنحو تقتضي إلزام المكلف بتركه ـ بأن الحكم وإن كان ذا مفسدة ومبغوضا للحاكم ، إلا أنه لا مانع من اختلاف حاله قبل وجود الموضوع عن حاله بعده ولو لتجدد المزاحم للمفسدة المذكورة ، فان ذلك يقتضي مبغوضيته قبل وجود الموضوع ـ وهو المعاملة ـ بنحو يوجب النهي عن إيجاده فرارا عن تجدد المزاحم الملزم بجعل الحكم وإن لزمت المفسدة.
ونظيره في الأحكام الشرعية غير المعاملات تحريم تنجيس المسجد الراجع للنهي عن إيجاد سبب النجاسة بلحاظ سببيته لها ، لا لذاته ، مع الحكم بها