عشرة وخمسمائة ، فأول من بايعه إخوته : أبو عبد الله محمد وأبو طالب العباس وأبو إسحاق وأبو نصر محمد وأبو القاسم إسماعيل وأبو الفضل عيسى ، ثم تلاهم عمومته : أبو جعفر موسى وأبو إسحاق وأبو أحمد وأبو على أولاد المقتدى ، وهذا أعجب مما أورده أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق على سبيل العجب منه أن المتوكل بايعه سبعة من أولاد الخلفاء ـ وهم : محمد بن الواثق وأحمد بن المعتصم وموسى بن المأمون وعبد الله الأمين وأبو أحمد بن الرشيد والعباس بن الهادي والمنصور بن المهدى ثم أن المسترشد جلس بكرة الخميس جلوسا عاما ودخل الناس لمبايعته ، وكان المتولى لأخذ البيعة قاضى القضاة أبا الحسن على بن محمد الدامغاني ، فأول من بايع [أبو] (١) القاسم على بن الحسين الزينبي ، ثم أرباب الدولة ، ثم أسعد الميهنى مدرس النظامية ، ثم القاضي أبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي ، ثم سائر الناس إلى وقت الظهر ، ثم أخرجت جنازة المستظهر فصلى عليها المسترشد إماما وكبر أربعا ، ودفن في حجرة من الدار المستظهرية ، وجلس للعزاء له أياما ، وكان الإمام المسترشد وقعت المبايعة له من سبع وعشرين سنة لأن مولده في يوم الأربعاء ثامن عشر شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة على ما ذكر أبو الحسن بن الهمذاني وأبو الفضل بن ناصر ، وخطب له أبوه ولاية العهد ، ونقش اسمه على السكة في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ، وذكر قثم بن طلحة الزينبي وجماعة ـ ونقلته من خطه ـ أن المسترشد (٢) كان يتنسك في أول زمنه ، ويلبس الصوف وينفرد في بيت للعبادة وختم القرآن وتفقه ، وكان مليح الحظ لم يكن في الخلفاء قبله من كتب أحسن منه ، وكان يستدرك على كتابه ، ويصلح أغاليط في كتبهم ، وكان ابن الأنبارى يقول : أنا وراق الإنشاء ومالك الأمر ، يتولى ذلك بنفسه الشريفة.
قلت : وكان الإمام المسترشد ذا شهامة وهيبة ، وشجاعة وإقدام في الأمور ، ولم تزل أيامه مكدرة بكثرة التشويش من المخالفين ، وكان يخرج بنفسه لدفع ذلك ومباشرته إلى أن خرج الخرجة الأخيرة إلى العراق فكسر وأسر ، ورزقه الله الشهادة على يد الملاحدة ، وكان قد سمع الحديث مع إخوته من أبى القاسم على بن أحمد بن بيان الرزاز ومن مؤدبه أبى البركات أحمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن السيبي وحدث ، روى عنه وزيره على بن طراد الزينبي وأبو الفتوح حمزة بن على بن طلحة
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٢) في الأصل : «المرشد».