(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) أي بلاد المشرق والمغرب كلها لله وهو مالكها ومتوليها. (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ،) أي ففي أي مكان فعلتم التولية فثم وجه الله. والمعنى إنكم إذا منعتم من مسجد فقد جعلت لكم الأرض مسجدا وطهورا فصلوا في أية بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها فإن التولية ممكنة في كل مكان. (إِنَّ اللهَ واسِعٌ) أي هو واسع الرحمة يريد التوسعة على عباده (عَلِيمٌ) بمصالح عباده. وهناك مسائل تثار عند هذه الآية منها المسائل الفقيهة ومنها ما له علاقة بمعرفة الذات الإلهية وسنعقد بعد عرض المقطع من أجل ذلك كله فصلا.
كلمة في السياق :
جاءت هذه الآيات بين مقولتين بين قوله تعالى :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ...) وبين قوله تعالى
(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ....)
فهي بلاشك تعرض موقفا للكافرين وهو منعهم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه. وتبين للمسلمين الموقف المكافىء لهذا الظلم العريض وفي الوقت نفسه تبين للمسلمين أنه إذا حيل بينكم وبين المسجد فالأرض كلها لكم مسجد. وكما أن الآيات في سياقها العام أعطتنا هذا وأعطتنا ردا ضمنيا على مقولة اليهود والنصارى والجاهلين ، فإنها في سياق فقرتها تعمق المعاني التي من أجلها نهينا عن المتابعة لكافر ، وهي في سياق فصلها تعلل لعدم الطمع في إيمان اليهود وأمثالهم ، وهي في سياق مقطعها ترينا إحدى الانحرافات الخطيرة التي وقع فيها اليهود وغيرهم ، وتعطينا دروسا فيما ينبغي أن نفعله لمواجهة الانحراف والمنحرفين.
٤ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ* بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) اشتملت هاتان الآيتان على الرد على النصارى ومن أشبههم من اليهود الذين قالوا عزير ابن الله ، ومن المشركين ممن جعل الملائكة بنات الله وغيرهم من أصحاب هذه المقولة فأكذب الله جميعهم في دعواهم ، وقولهم إن لله ولدا وكان الرد عليهم في هاتين الآيتين في خمسة مواطن :
١ ـ في قوله تعالى (سُبْحانَهُ) أي تعالى وتقدس وتنزه عن ذلك علوا كبيرا فمن