إذا انحرفنا كاملا ، فالسياق في الفقرة يصب في قطع دابر المتابعة للكفر وأهواء أهله.
ـ وجاء هذا كله في سياق الفصل الذي بدايته (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) فجاءت الآيات مبينة ما يحول بينهم وبين الإيمان ، ومثبتة لنا على الإيمان ، وموصلة لنا إلى تبيان الطريق الصحيح للوصول إلى الإيمان ، وذلك في الآية الأخيرة من الفصل الثاني وهي قوله تعالى :
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)
المعنى :
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) هم مؤمنو أهل الكتاب ، وهو التوراة ، أو الإنجيل ، أو أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويكون الكتاب هو القرآن ، أو الجميع ، ويكون الكتاب المقصود جنس الكتاب (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي يقرؤونه حق قراءته ، في الترتيل ، وأداء الحروف ، والتدبر ، والتفكر ، والإيمان بمضمونه ، والعمل به. ومن ذلك إذا مر بذكر الجنة سأل الله الجنة ، وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من النار كما قال عمر بن الخطاب. ومن حق التلاوة ما قاله ابن مسعود : «والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ، ويحرم حرامه ، ويقرؤه كما أنزله الله ، ولا يحرف الكلم عن مواضعه ، ولا يتأول منه شيئا على غير تأويله». ومن حق التلاوة ما قاله الحسن البصري : «يعملون بمحكمه ، ويؤمنون بمتشابهه ، ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه». ومن حق التلاوة ما قاله ابن عباس «يتبعونه حق اتباعه» (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) هذا خبر عن الذين آتيناهم الكتاب أي : من أقام كتاب الله كما وصفنا هو المؤمن به على الحقيقة (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) حيث اشتروا الضلالة بالهدى.
كلمة في السياق :
بهذه الآية انتهى الفصل الثاني في المقطع الثالث وهو المقطع الذي ابتدأ بخطاب بني إسرائيل ، وانتهى بخطاب بني إسرائيل ، في الآيتين اللتين سنذكرهما بعد قليل.
إن هذه الآية التي ختم بها الفصل الثاني الذي بدايته (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) دلت على طريق الإيمان وهو : تلاوة الكتاب حق التلاوة ، فمن قرأ التوراة حق التلاوة ، وصل إلى