مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يرفع عنك عذاب الله (وَلا نَصِيرٍ) أي ينصرك من الله ويلاحظ أن الله عزوجل قال (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) أفرد الملة مع أنهما ملتان ؛ وذلك إشارة إلى أن ملة الكفر واحدة.
في هذه الآية وصف لحقيقة موقف اليهود والنصارى من هذه الأمة أن كلا من اليهود أو النصارى لا يرضيه من هذه الأمة إلا أن تترك الإسلام وتدخل في دينه ، وأن غير ذلك لا يرضيهم أبدا ولو تظاهروا بقبوله. إن نسيان هذا الدرس البليغ كان سبب الكوارث الكبيرة في عصرنا فقد حاول كثير من أبناء المسلمين أن يرضوا الكافرين ببعض التنازلات والمداهنات ؛ ظنا منهم أنهم يرضونهم بهذا القدر ، فلم يحصدوا إلا الغدر والقهر. فالآية تقول مخاطبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم والخطاب للأمة كلها :
ليست اليهود والنصارى براضية عنك أبدا ؛ فدع طلب ما يرضيهم ويوافقهم ، وأقبل على طلب رضا الله في دعائهم إلى ما بعثك الله به من الحق ، وقل إن هدى الله الذي بعثني به هو الهدى يعني : هو الدين المستقيم ، الصحيح ، الكامل الشامل ، وأن ما أنتم عليه هو الهوى الذي عقوبته عند الله شديدة.
كلمة في السياق :
ـ بعد أن عرضت الفقرة مجموعة من المواقف والأقوال الظالمة والباطلة جاء قوله تعالى (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) فدلل ذلك على أن الرسالة المصححة هي رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ثم جاء قوله تعالى (وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ) وفي ذلك إشارة إلى أن أصحاب هذه الأقوال والمواقف هم من أصحاب الجحيم ، وقد جاءت هذه الآية في سياق الفقرة المبدوءة بقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) فكانت في محلها مبينة أن الحق في رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم فكيف يتابع الكافرون المستحقون للعذاب الأليم.
ـ وبعد عرض الأقوال والمواقف الضالة جاء قوله تعالى (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) أي حتى تتابعهم على مثل هذه المواقف والأقوال الضالة الظالمة (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) فالهدى هو في الإسلام.
جاءت هذه الآية في سياق قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا ...) وفي ذلك إعلام بأن أي متابعة لأهل الكتاب من باب مسايرة الأهواء ، وأنها لا ترضيهم إلا