على كثير من القضايا. كما أنها ترينا أن هذا القرآن من خلال سياق الآية في السورة ومن خلال سياق الآيات بالنسبة لمجموع القرآن ومن خلال صلات السور بعضها ببعض ، ومن خلال نواح أخرى ، يعطينا معاني لا نهاية لها ولا يمكن الإحاطة بها وهو موضوع سنراه كثيرا في هذا التفسير.
وكأثر من آثار هذه النظرة الشاملة التي على ضوئها فهمت الوحدة القرآنية تكشفت لي إحدى الحكم في كون بعض السور مفتتحة ببعض الحروف ، فكانت ملاحظة جديدة تضاف إلى ملاحظات كثيرة ، سجلها علماء المسلمين خلال العصور حول أسرار هذه الأحرف.
لقد أقمت على هذا الاتجاه الذي اتجهته في موضوع الوحدة القرآنية من الحجج الكثير ، بحيث لا يرتاب عالم منصف بعد الاطلاع عليها بأن اتجاهي في ذلك كان صحيحا. ولكني تعمدت ألا أذكر حججي كلها في مكان واحد بل وزعتها في الكتاب كله عندما تأتي مناسبتها ، ولو لا ذلك لاقتضى إبراز كل الحجج مجلدا كاملا من مجلدات هذا التفسير ، ثم هي في هذه الحالة لا تستوعب كما لو جاءت في مناسبتها. وهذا جوابي على من يقول : إنه كان بالإمكان أن أكتفي بإبراز هذه القضية من خلال كتاب مستقل بدلا من كتابة تفسير كامل. إنه لم يكن بالإمكان أن أعرض لهذا الموضوع منفصلا عن تفسير آيات القرآن على اعتبار أن هذا الاتجاه له صلة بفهم القرآن كله ، فلو أنني ذكرته منفصلا لكان عملي ناقصا ؛ ولذلك جعلت هذا الموضوع جزءا من تفسير ، فلكي تتجلى الوحدة القرآنية بشكل واضح لا بد أن يكون النص القرآني مفسرا وواضحا ، ثم إن الهدف من إصدار هذه السلسلة متعدد أصلا كما رأينا.
إني أتمنى لإخواني المسلمين ألا يتسرعوا في الحكم على هذا الاتجاه الذي اتجهته إلا بعد أن يقرؤوا التفسير كله وأظن أن أشدهم إنكارا علي سيكون أكثرهم حماسا لما ذهبت إليه. ولا أدعي العصمة ، ولكن فضل الله كبير ، وعلى كل الأحوال فهذا موضوع لم يعد بالإمكان السكوت عن الإجابة عليه وهذا اجتهادي فيه ، وأرجو أن أكون مصيبا في هذا الاجتهاد ، وأتمنى لكل من عنده رأي آخر أن يناقشني فيه ولكن بعد أن يقرأ هذا التفسير كله.
ولئن كانت هذه هي المزية الرئيسية لهذا التفسير فإن له مميزات أخرى ذكرنا بعضها من قبل :