وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).
قال الألوسي : (هذا) تكرير لما تقدم ، للمبالغة في التحذير ، عما استحكم في الطباع ، من الافتخار بالآباء والاتكال عليهم ... ، أو تأكيد وتقرير للوعيد ، يعني : أن الله يجازيكم على أعمالكم ، ولا تنفعكم آباؤكم ، ولا تسألون يوم القيامة عن أعمالهم ، بل عن أعمال أنفسكم» فكما لا يسألون عن أعمالكم السيئة ، فلا يغني عنكم انتسابكم إليهم ، من غير متابعة منكم لهم ، فلا تغتروا بمجرد النسبة إليهم ، حتى تكونوا منقادين مثلهم لأوامر الله ، واتباع رسله الذين بعثوا مبشرين ومنذرين ، فإنه من كفر بنبي واحد فقد كفر بسائر الرسل ، ولا سيما بسيد الأنبياء ، وخاتم المرسلين ، ورسول رب العالمين ، إلى جميع الإنس والجن صلىاللهعليهوسلم ، أقول كررت الآية للتأكيد ، وعلامة على نهاية الفقرة ، فمما يستدل به على نهاية بعض الفقرات ، أو بعض المقاطع ، أو بعض الأقسام ، التشابه ، مع نهايات سابقة أو لاحقة ، كما سنرى في هذا التفسير. والمعاني هي التي تحدد.
كلمة في السياق :
١ ـ بدأت سورة البقرة بمقدمة حددت صفات المتقين والكافرين والمنافقين ، ثم جاء القسم الأول من السورة داعيا إلى عبادة الله وحده وتوحيده ، ثم سار السياق حتى وصلنا إلى مقطع إبراهيم ، فعلمنا من خلال المقطع أن ما دعينا إليه وما طولبنا به هو الإسلام دين إبراهيم.
وبهذا نرى كيف أن السورة تبني الشخصية الإسلامية شيئا فشيئا ، وتتكامل معانيها شيئا فشيئا ، وتتلاحم المعاني بشكل هو وحده معجز.
٢ ـ وإذا تأملت الفقرة الأخيرة في عرض القول ورده ، تجد في ذلك نموذجا على نوع من الإعجاز ، يستحيل أن يصدر من بشر ، على مثل هذه الطريقة وهذا الأسلوب ، وهكذا الشأن في رؤيتك تلاحم الفقرات في مقطعها ، واتصال المقاطع ببعضها.
٣ ـ ومن قبل رأينا محل مقطع إبراهيم في السياق :
فإبراهيم هو النموذج الكامل على اتباع الهدى المنزل عليه ، ومن قبل كانت قصة بني إسرائيل نموذجا على أمة انحرفت ، وجاء المقطعان بعد مقطع آدم ، الذي قرر أن