قال : ابتلي بالكلمات : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ... هذا مجموع ما فسر به المفسرون الكلمات تقريبا. قال ابن جرير ما حاصله «إنه يجوز أن يكون المراد بالكلمات جميع ما ذكر ، وجائز أن يكون بعض ذلك ، ولا نجزم بشىء منها أنه المراد على التعيين ، إلا بحديث أو إجماع ، ولم يصح في ذلك خبر ، بنقل الواحد ، ولا بنقل الجماعة الذي يجب التسليم له» وقال ابن كثير : وقوله تعالى (بِكَلِماتٍ) أي بشرائع وأوامر ونواه ، فإن الكلمات تطلق ويراد بها الكلمات القدرية كقوله تعالى عن مريم عليهاالسلام (في سورة التحريم) (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ.) وتطلق ويراد بها الشرعية ، كقوله تعالى (في سورة الأنعام) (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) أي كلماته الشرعية ، وهي إما خبر صدق ، وإما طلب عدل إن كان أمرا ونهيا ، ومن ذلك هذه الآية الكريمة.
فصل في قريش والإمامة :
قال تعالى :
(إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فهم بعضهم من هذا النص أن الإمامة ينبغي أن تكون في بني إسماعيل لأنهم من ذرية إبراهيم عليهالسلام ، فقد انتقلت الإمامة بعد بعثة رسولنا عليهالسلام من بني إسرائيل من ذرية إبراهيم إلى بني إسماعيل من ذريته باصطفاء الله محمدا صلىاللهعليهوسلم منهم ، ثم هي في ذريته النسبية وفيه قوله عليهالسلام «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي ـ أهل بيتي ـ لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» ولكن الفاسق منهم والمبتدع ـ بله الكافر ـ ليس أهلا لها ثم هي في ذرية إبراهيم من المسلمين أي في قريش ، ومن ثم كانت الأئمة منهم ، قال عليهالسلام «الأئمة من قريش» ولكن لا يستأهلها منهم فاسق أو مبتدع أو كافر ، وبعضهم قال : إنه لا تلازم بين الإمامة في الدين ومنصب الخلافة بالذات ، ومنذ عصر الصحابة وجد في موضوع الخلافة ثلاث اتجاهات رئيسية :
الأول : أنها في آل البيت ، والثاني : أنها في قريش ، والثالث : أنها في الأكفاء من مجموع الأمة ، وفي كلام عمر رضي الله عنه ما يؤيد الاتجاه الأخير ، ولكن أقوى الاتجاهات أنها في قريش ، والمفروض بالنسبة للمستقبل أن يعطى كل اتجاه من هذه الاتجاهات حقه