السلام وأصحابه ..
قال ابن سعد :
«وقد كان عبيد الله بن زياد لمّا قتل الحسين بعث زحر بن قيس الجعفي (١) إلى يزيد بن معاوية يخبره بذلك ، فقدم عليه ، فقال : ما وراءك؟
قال : يا أمير المؤمنين! أبشر بفتح الله وبنصره ؛ وَرَدَ علينا الحسين ابن عليّ ، في ثمانية عشر من أهل بيته وفي سبعين من شيعته ، فسرنا إليهم فخيّرناهم الاستسلام والنزول على حكم عبيد الله بن زياد أو القتال ، فاختاروا القتال على الاستسلام.
فناهضناهم عند شروق الشمس ، وأطفنا بهم من كلّ ناحية ، ثمّ جرّدنا فيهم السيوف اليمانية ، فجعلوا يبرقطون إلى غير وزر ، ويلوذون منّا بالآكام والأُمر والحفر لواذاً ، كما لاذ الحمائم من صقر ، فنصرنا الله عليهم.
فوالله ـ يا أمير المؤمنين ـ ما كان إلّاجزر جزور أو نومة قائل ، حتّى كفى الله المؤمنين مؤونتهم ، فأتينا على آخرهم ، فهاتيك أجسادهم مطرّحة مجرّدة ، وخدودهم معفّرة ، ومناخرهم مرمّلة ، تسفي عليهم الريح ذيولها بقيٍّ سبسبٍ ، تنتابهم عرج الضباع ، زوّارهم العقبان والرخم.
قال : فدمعت عينا يزيد وقال : كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. وقال : كذلك عقابة البغي والعقوق. ثمّ تمثّل يزيد :
من يذق الحرب يجد طعمها |
|
مرّاً وتتركه بجعجاع» (٢) |
__________________
(١) كان مع أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه السلام في صفّين، ثمّ اعتزل فكان من الخوارج; انظر: مختصر تاريخ دمشق ٩ / ٣٣ رقم ٧.
(٢) ترجمة الإمام الحسـين عليه السلام من «الطبقات الكبير»: ٨١ ـ ٨٢، وانظر: الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٤٧ رقم ١٣٧٤، تاريخ الطبري ٣ / ٣٣٨.