الفكرة ، وشعورا يختزن الإيمان.
(لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) للناس من حولك بما يشتمل عليه من تفاصيل الإنذار بالنتائج السلبية على تقدير الابتعاد عن خط الرسالة ، (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) لأن الله ينزل وحيه على كل نبيّ بلسان قومه ليكون ذلك سببا لوعيهم له من خلال وعيهم لمعاني هذه اللغة ، ليكونوا الطليعة الأولى التي تحمل الرسالة للآخرين من موقع فهمهم للإسلام ووعيهم لتعاليمه وتفاعلهم مع مفاهيمه.
(وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) أي صحف الأولين التي أنزلت على الأنبياء من قبلك ، فقد اشتمل على كثير من التعاليم والوصايا والقصص التي أرادها الله منهجا للأمم السابقة ، كما أرادها جزءا من خطّة متكاملة للناس الآن. وبذلك كان القرآن مصدّقا لما بين يديه من الكتب ، وخاتمة لحركة الرسالات الإلهية ، يختصر كل مفاهيمها الأصلية في مفهوم جامع ، ويدفع بالمفاهيم الجديدة للمستقبل ، مما يوحي بأنه الحق الذي لا ريب فيه لمن يؤمن بالكتب المنزلة السابقة.
وقد اعترض صاحب الميزان على هذا الوجه في التفسير ، بأن «المشركين ما كانوا يؤمنون بالأنبياء وكتبهم حتى يحتج عليهم بما فيها من التوحيد والمعاد وغيرهما ، وهذا بخلاف ذكر خبر القرآن ونزوله على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في كتب الأولين ، فإنه حينئذ يكون ملحمة تضطر النفوس إلى قبولها» (١).
ولكن الظاهر أن المشركين كانوا يعيشون ـ من الناحية الثقافية ـ في أجواء الكتب المنزلة السابقة ، لا سيما ما يتصل بإبراهيم وموسى وعيسى عليهالسلام ، مما يوحي بوجود نوع من الاحترام والتعظيم لها والإيمان بها من ناحية عامة. ولو تم ما ذكره من الملاحظة في عدم الإيمان بالكتب وبالأنبياء ، لكان ردّا على الوجه الذي ذكره من دون أن تكون طبيعته الملحمية
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٥ ، ص : ٣٢٠.