يفرض الرغبة في سلوكه من موقع النتائج الطيبة التي قد يحصل عليها من خلال ذلك (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) بعد أن فقدوا ملامح الصورة للواقع الذي يحيط بهم ، أو يطلّ عليهم ، فأضاعوا سبيل الهدى ، وابتعدوا عن الفطرة الصافية الكامنة في أعماقهم التي تدلهم على مواقع الشروق في حركة الحقيقة في الكون والفكر والإحساس العميق.
(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إن الله هو الذي يخرج الأشياء من عمق العدم بقدرته التي لا يحدّها شيء تماما كما يخرج الأشياء الكامنة في داخل السماوات والأرض مما لا يملك أحد الوصول إليها ، فهو الذي ينبغي أن يسجد الناس له ، في ما يمثله السجود من الخضوع للقدرة المطلقة المهيمنة على نظام الكون كله بجميع مظاهره وظواهره في السماء والأرض. وما قيمة عظمة الشمس أمام عظمة الله الذي خلقها ووضع لها القوانين والشروط التي تحكم حركتها ، بل إن عظمة التدبير فيها دليل على عظمة المدبّر لها ، وهو الله ، فكيف يسجدون لها ويتركون السجود لله الذي يملك الأمر كله ، (وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ) لأنه المحيط بكم من عمق المعنى الخفيّ من وجودكم .. الى امتداده في المنطقة المعلنة منه.
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) فهو وحده الإله الذي يستحق العبادة ، وكل من عداه هو مألوه له ومخلوق بقدرته ، وكل عرش في الكون هو دون عرشه ، لأن قوّته مستمدة من قوّة الله ، في ما أعطاه من مواقع السلطة لعباده ، مما يقدرون عليه ويملكونه من أشياء.
وقد يكون هذا من كلام الهدهد الذي يملك وعي ذلك بفطرته الصافية وغريزته العفوية ، فيدرك وجه الحق والباطل في شؤون العقيدة بما يأخذه الناس منها ، كما يملك معرفة مواقع الحب الذي يلتقطه في الأرض ليميز بين