المؤمنين هم المستضعفون الذين تتحرك الرسالة من أجل إعادة الاعتبار إلى إنسانيتهم في مجتمع الامتيازات الظالمة الذي يعمل على إلغائها ، فيقبلون عليها من مواقع فطرتهم الصافية ، أمّا الكافرون ، فهم المستكبرون الذين تنطلق الرسالة من أجل إعادتهم إلى مواقع الصفاء في الشعور الإنساني العميق الذي يعمل على إبعادهم عن الظلم والعدوان والتكبر ، وتحويلهم إلى العدل والمحبة والتواضع ، وإلغاء الامتيازات الظالمة في تعاملهم مع الناس ، وهذا ما جاءت به الآية الكريمة في قوله تعالى : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) [الأعراف : ٧٥ ـ ٧٦]. ويظهر من الآية أن المستكبرين قد سيطروا على بعض المستضعفين فأبعدوهم عن الإيمان.
(قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ) وذلك في ما كانوا يبادرون إليه من سؤال العذاب الذي توعدهم به صالح إذا لم يؤمنوا به ، في مواجهة سؤال الرحمة الذي يدعوهم إلى السير معه إذا آمنوا به. فهو يريد لهم أن يفكروا بمسألة الإيمان من خلال المعطيات الفكرية ، ومن خلال النتائج الإيجابية والسلبية على مستوى قضية المصير ، لا أن يبادروا إلى طلب العذاب بطريقة متشجنّة. (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) لأن الله يرحم المستغفرين المنيبين إليه.
(قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ) فقد جئت إلينا وكنا فريقا واحدا ، وكنا بعيدين عن المشاكل المعقدة التي أثرتها في حياتنا من موقع دعوتك ، مما جعلنا نتشاءم بك وبهؤلاء الذين آمنوا بك ، لأنكم جئتم بالشؤم المتحرك في كل حياتنا العملية ، فاذهب عنا لنتخلص من كل مشاكلك ومن كل الشرّ الذي أحاط بنا من كل جانب بسببك.