(قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ) وتشاركوا في إعطاء الميثاق الذي نجتمع عليه بالحلف بالله وتنفيذ ما نتفق عليه وعدم خيانته ، (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أي لنقتلنّه في الليل في ما يعنيه التبييت من القصد إلى السوء ليلا في ما يريد أن يقوم به الناس ضد بعضهم بعضا من القتل ونحوه في جنح الظلام ، (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) من العشيرة إذا تحفّز للثأر له (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) لأن الليل قد استطاع أن يغطّي العملية ، فلم يعرف أحد ماذا حدث ومن الذي قام به ، مما لا يجعل لأحد علينا حجّة أو مستندا يحاسبنا عليه أو يكذبنا به ، فيصدّقنا وليه في ما نؤكده له من المواقف عند ما لا يجد لديه ما يثبت المسألة في مواقعنا الخاصة.
(وَمَكَرُوا مَكْراً) في ما عقدوه من خطة خبيثة تستهدف مباغتة صالح وأهله ليلا وقتلهم جميعا ، (وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) في ما دبرناه بطريقة سريعة خفية من إهلاكهم قبل أن يصلوا إلى صالح من حيث لا يشعرون ، (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) والمكر السيّئ يحيق بأهله ، ويرتد على صاحبه. وهكذا خططوا لهلاك الرسول ، ونفّذ الله تهديده بإهلاكهم جميعا ، فانظر واعتبر وفكّر أن الإنسان لا بد له من أن لا يأمن مكر الله.
(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والتمرد ، وبما ظلموا الناس من الوقوف في الطريق أمامهم ليحولوا بينهم وبين السير في طريق الهدى في خط الرسالة والرسول ، وذلك هو حكم الله على عباده المتمردين الذين يرفضون الانسجام مع تعاليمه وأوامره ونواهيه ، ويحاربونه في رسالاته ورسله ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) في ما يستنتجونه منه في أفكارهم من دراسة الحاضر والمستقبل في معطياته المماثلة للماضي على أساس القاعدة التي تحكم المسألة في الزمان كله ، لأن الفكرة تتصل بطبيعة المبدأ