قائمة الکتاب
آيات الله في الكون
٥٩تفسير سورة الشعراء [1 ـ 227]
إعدادات
تفسير من وحي القرآن [ ج ١٧ ]
تفسير من وحي القرآن [ ج ١٧ ]
تحمیل
يحصل به التحريم من جهة الرجل ، وهو النسب ، ومن جهة المرأة ، وهي المصاهرة.
ويذكر صاحب تفسير الميزان ، أن «هذا تنظير آخر يفيد ما تفيده الآية السابقة ، أن لله سبحانه أن يحفظ الكثرة في عين الوحدة ، والتفرق في عين الاتحاد ، وهكذا يحفظ اختلاف النفوس والآراء بالإيمان والكفر ، مع اتحاد المجتمع البشري الذي بعث الله الرسل ، لكشف حجاب الضلال الذي من شأنه غشيانه لو لا الدعوة الحقة» (١) ، وهو أمر طريف ، ولكن ذلك غير ظاهر من سياق الآية ، فإن الظاهر منه ، أن الحديث موجّه للإيحاء بالجانب الفكري العقيدي للتوحيد ، في مواجهة الشرك.
(وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) قادرا على إبداع حياة متنوعة متحركة من الماء ، وينشئ من ذلك علاقات مختلفة في المجتمع الإنساني ، في علاقاته المتشابكة المعقّدة ، وذلك هو البرهان القاطع على أن الله ـ هو وحده ـ القادر على الكون كله وعلى الحياة كلها ، في النفع والضرر. وبذلك كان هو ـ وحده ـ المعبود الذي يستحق العبوديّة ، ويتفرد بالألوهية ، ولكن هؤلاء المشركين الذين استسلموا لتقاليدهم المتحجرة الموروثة عن الآباء والأجداد ، يعيشون التخلف في العقيدة والعبادة ، عند ما يلتزمون الأصنام في مواقع الآلهة ، ويعبدونها من دون معنى ..
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) فلا يملكون أساسا لذلك في براهين الفكر أو إحساس الوعي ، ولا في الواقع في عطائه وحركته ، لأن هذه الأصنام تمثل الجمود كله ، والعجز كله ، والتخلف كله ، في الشكل والمضمون.
وهذا يوحي إلينا بأن الكفر لم ينشأ من حالة وعي منفتح على الوثنية ،
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٥ ، ص : ٢٢٨.