لابد وأن يكون مكروها وممقوتا لله تعالى ، وليس الحرام الشرعي إلا ذلك ، لان فاعل فعل ، هو مكروه عند الله تعالى ، ممقوت له تعالى ـ مستحق لعقابه ضرورة.
قلت : الحرام الشرعي : ما يجوز المكلف العقاب عليه ، ولا يكفي مجرد الاستحقاق ، وإن علم انتفاؤه بسبب ما ، كإخباره بذلك.
وأيضا : بداهة استلزام المكروهية عند الله تعالى لاستحقاق عقابه ، محل نظر ومنع.
فإن قلت : فإذا كان الامر على ما ذكرت ، فلم لم تحكم بعدم حجية هذه الطريقة على البت؟! بل جعلت حجيتها محل التأمل ، المشعر بالشك والتردد.
قلت : وجه التردد مما مر ، ومن : أن إخباره تعالى بنفي التعذيب ، فيما هو مذموم ومكروه عنده ـ إغراء منه تعالى للمكلف على هذا المذموم ، وهو قبيح (١) ، ونقض للغرض ، وحينئذ لا يكون ما يندرج في هذه الطريقة مندرجا في قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ) (٢) وحينئذ ، فيبقى (٣) الكلام في صحة الملازمة المذكورة ، وعدمها.
وقد قال السيد المرتضى رحمهالله في الذريعة : « وأما حد المحظور : فهو القبيح الذي قد اعلم المكلف ، أو دله على ذلك من حاله » (٤).
وذهب الفاضل الزركشي في شرح جمع الجوامع (٥) إلى : أن الحسن والقبح ذاتيان ، والوجوب والحرمة شرعيان ، وأنه لا ملازمة بينهما ، فقال : « تنبيهات :
الاول : أن المعتزلة لا ينكرون أن الله تعالى هو الشارع للاحكام ، إنما
__________________
١ ـ في ط : قبح.
٢ ـ الاسراء / ١٥.
٣ ـ في أ : فبقي.
٤ ـ الذريعة ٢ / ٨٠٨ ، لكن فيه : أو دل.
٥ ـ المسمى ب : تشنيف المسامع بجمع الجوامع.