الملفت للنظر في شخصية المؤلف هو روح الابتكار لديه ، وهي صفة حرية بالتقدير والدراسة ، فإن الكثير من اهل العلم والمعرفة يخوض غمار المسائل التي طرحت قبله من دون أن يستطيع الخروج من الدائرة التي رسمها من تقدم عليه ويبقى نطاق تفكيره وأفق ابحاثه محصورا في نفس تلك الخطوط العريضة المقررة عليه.
ويبقى عدد المبتكرين والنوابغ نزرا.
ونعتقد أن المصنف رحمهالله من اولئك الآحاد ، وإنما خفي ذكره ولم يشتهر أمره لعدّة عوامل أحدها ضياع جل مؤلفاته ، لاسباب لا نعرفها ، وقد تكون عامة ، وهي التي أودت بالكثير من تراث المذهب الامامي الضخم على ما نقرأه في تراجم اعلامنا ، فما من علم من الاعلام إلا وقد ضاع له أكثر من كتاب.
هذا أحد العوامل ، ونطوي كشحا عن سائرها.
ومما يحدو بنا إلى هذا الاعتقاد هو صنعته الفهرس على التهذيب ، فهو عمل جديد من نوعه بالقياس إلى المرحلة الزمنية ، والثقافية التي عاشها ، فقد وجدنا الكثير من المصنفين والمؤلفين على مرور أدوار علوم الفقه والاصول والحديث وغيرها ، ولكن يأتي هذا المصنف أو ذاك ويصنف على غرار من قبله حتى ليضع عناوين الابواب والفصول ، بل حتى نص المسألة ، وكأنه ينسخها ممن تقدم عليه نسخا. في هذا الجو ، وفي هذه الروح التقليدية نطالع اسم الفاضل التوني وهو يقوم بوضع ( الفهرس ) على التهذيب ويجمع شوارده ، ليرجعها إلى مقرها المناسب ، وهو بذلك يقوم بعمل جديد من نوعه ، فهو عمل تكميلي واصلاحي للموسوعة الحديثية البارعة لشيخ الطائفة وعمادها الشيخ الطوسي قدسسره.
ولهذا الفهرس دلالة اخرى ، فهو يعكس سعة باعه في كل من الفقه والحديث ، إذ من الواضح لأهل هذا الفن ما يتطلبه هذا العمل من مؤهلات.
والمؤشر الآخر على عقليته الابتكارية هي المنهجية الجديدة التي مشى عليها