المدارك : قد علم كميتها وحقيقتها سابقا.
والمراد ب ( أحكامها ) : أحوال التعادل والترجيح وسيجيء إن شاء الله تعالى.
وسيجيء تحقيق ما يحصل بسببه العلم بالمدارك.
في أن الاجتهاد هل يقبل التجزية؟ أو لا؟ بمعنى : جريانه في بعض المسائل دون بعض ، وذلك بأن يحصل للعالم ما هو مناط الاجتهاد في بعض المسائل ، دون بعض آخر ، وقد اختلف فيه ، فالاكثر على أن يقبل التجزية ، وقيل بعدمه.
والحق الاول لوجوه :
الاول : أنه إذا اطلع على دليل مسألة بالاستقصاء ، فقد ساوى المجتهد المطلق في تلك المسألة ، وعدم علمه بأدلة غيرها لا مدخل له فيها.
فإن قلت : لا يمكن العلم بعدم المعارض (١) والمخصص بدون الاحاطة بجميع مدارك الاحكام ، فبطل التساوي.
قلت : إنكار حصول الظن بعدم المعارض مكابرة ، بل قد يحصل العلم من العادة بالعدم ، فإن المسائل التي وقع فيها الخلاف ، وأوردها جمع كثير من الفقهاء في كتبهم الاستدلالية ، واستدلوا عليها نفيا وإثباتا ، مما تحكم العادة بأن ليس لها مدارك غير ما ذكروه ، ولا أقل من حصول ظن قوي متاخم من العلم.
فإن قلت : التمسك في جواز اعتماد المتجزي على استنباطه ، بمساواته للمجتهد المطلق ، قياس غير معلوم العلة ، فيكون باطلا.
__________________
١ ـ كذا في أ و ب و ط ، وفي الاصل : المعارضة.