والحق : أن الاحتياج إليه ، إنما هو لتصحيح الاعتقاد ، لا للاحكام بخصوصها.
والثالث : علم المنطق.
والاحتياج إليه : إنما هو لتصحيح المسائل الخلافية وغيرها ، من العلوم المذكورة ، إذ لا يكفي التقليد سيما في الخلافيات ، مع إمكان الترجيح ، وكذا لرد الفروع الغريبة إلى اصولها ، لانه محتاج إلى إقامة الدليل ، وتصحيح الدليل لا يتم بدون المنطق إلا للنفوس القدسية.
واعلم : أن العلوم المذكورة ، ليس جميع مسائلها المدونة ، مما يتوقف عليه الاجتهاد ، بل ولا أكثرها على الظاهر ، والقدر المحتاج إليه ، مما لا يمكن تعيينه إلا بعد ملاحظة جميع الاحكام ، ويكفي لصاحب الملكة (١) الرجوع إلى ما يحتاج إليه عند الاحتياج ، كما لا يخفى.
الظاهر الاستغناء عن المنطق في العمل بالمنطوقات ، وكذا المفهومات الظاهرة.
فإن قلت : لا حاجة إلى علم الاصول ، لوجهين : الاول : أن علم الاصول قد حدث تدوينه بعد عصر الائمة عليهمالسلام ، وأنا نقطع بأن قدماءنا ، ورواة أحاديثنا ، ومن يليهم ـ لم يكونوا عالمين بعلم الاصول ، مع أنهم كانوا عاملين بهذه الأحاديث الموجودة ، ولم ينقل عن أحد من الائمة عليهمالسلام إنكارهم ، بل المعلوم تقريرهم لهم ، وكان ذلك الطريق مستمرا عند الشيعة إلى زمان القديمين : الحسن بن أبي عقيل ، وأبي علي أحمد بن الجنيد ، ثم حدث تدوين الاصول بين الشيعة أيضا (٢) ، فلا يكون العمل بهذه الأحاديث موقوفا على العلم بمسائل علم الاصول.
____________
١ ـ أي : في العلوم المذكورة ( منه رحمهالله ).
٢ ـ كلمة ( أيضا ) : ساقطة من ط.