والاحتياج إلى هذه العلوم الثلاثة إنما هو لمن لم يكن مطلعا على عرف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والائمة عليهمالسلام ، كالعجم مطلقا ، والعرب أيضا في هذه الازمنة ، لا مثل الرواة ، ومن قرب زمانه منهم ، على أن الاحتياج في هذه الازمنة أيضا ، متفاوت بالنسبة إلى الاصناف كالعرب والعجم.
والاول من الثاني : علم الاصول.
والاحتياج إليه : لان المطالب الاصولية مما يتوقف عليه استنباط الاحكام ، مثلا : كثير من المسائل يتوقف على ثبوت الحقيقة الشرعية ونفيها ، وتحقيقها إنما هو في الاصول ، وكذا على كون الامر للوجوب أو لا؟ وكذا الوحدة والتكرار؟ والفور والتراخي؟ وأن الامر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده الخاص أو لا؟ وكذا وجوب مقدمة الواجب ، وظاهر أنها لا تعلم من اللغة وغيرها ، وليس أحد الشقين في هذه المذكورات بديهيا حتى يستغنى عن تدوينها وعن النظر فيها ، وكذا ليست هذه المذكورات مما لا يتوقف عليه العمل ، وكذا الحال في مباحث النواهي ، وحكم ورود العام والخاص ، والمطلق والمقيد ، والمجمل والمبين ، والقياس مطلقا ، أو منصوص العلة ، ووجوب العمل بخبر الواحد وعدمه ، وإن أمكن ادعاء ثبوت وجوب العمل بالمتواتر ، من علم الكلام ، وهكذا بقية المطالب.
والثاني : علم الكلام.
ووجه الاحتياج إليه : أن العلم بالاحكام يتوقف على أن الله تعالى لا يخاطب بما لا يفهم معناه ، ولا بما يريد خلاف ظاهره ، من غير بيان ، وهذا إنما يتم إن لو عرف (١) أنه تعالى حكيم مستغن عن القبيح ، وكذا يتوقف على العلم بصدوق الرسول والائمة عليهمالسلام.
__________________
١ ـ كذا في النسخ ، والظاهر زيادة أحد حرفي الشرط ، أو ان تكون العبارة بالنحو التالي : وهذان انما يتمان لو عرف.