الوافية : من خيرة المتون الاصولية التي خلفها لنا فطاحل علماء الامامية فلقد ترك لنا أولئك مصنفات في مختلف علوم الشريعة ، من الكلام والتفسير والفقه والاصول والحديث والرجال ، يمثل كل منها المرحلة التي وصل اليها ذلك العلم في تلك البرهة.
وفيما يخص علم الاصول :
ان كانت ( الذريعة ) معبرة عن قمة ما وصل اليه هذا العلم في عصر السيد المرتضى ، و ( العدة ) في عصر شيخ الطائفة الطوسي ، و ( المعارج ) في عصر المحقق الحلّي ، و ( النهاية ) و ( التهذيب ) و ( المبادئ ) في عصر العلامة الحلّي ، ومقدمة ( المعالم ) في عصر المحقق الشيخ حسن ، فإن ( الوافية ) تمثل القمة في التطور الاصولي الذي ارتقى اليه في القرن الحادي عشر الهجري لدى الاصوليين من الامامية. فقد حباها مؤلفها الذي يصفه الشيخ الحرّ العاملي بالفقيه العالم الفاضل ( الماهر ) ، حباها بمزايا افردتها عما صنف قبلها. فإن مقارنة شريعة بينها وبين ما تقدمها ليكشف عن ذلك بوضوح.
فمن ينتقل من مراجعة ( المعالم ) إلى ( الوافية ) يشعر بتحول وتطور ، ويلاحظ نقلة في المستوى والافق الذي يدفع بالقلم لرسم تلك السطور ، وليس مجرد تبدل في الرأي ، أو تغيير في المبنى ، وبكلمة مختصرة : يلاحظ المقارن بين الكتابين اختلافا في المنهجية ، وفي نمط التفكير ، وصياغة المطالب ، والدخول إلى البحث من مسلك لم يعهد من قبل ، واعتمادا على معايير لم يلتفت إليها من سالف.
وترى المصنف في ( الوافية ) قوي الحجة ، بعيد النظر ، يختار الرأي الصائب في المسألة ، دون ان يتقيد بما ذكروه دليلا عليه بل قد لا يكتفي بما اورده الاصوليون على