ولو سلم ، فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فيما لا يمكن فيه ذلك ، لانه تكليف بالمحال ، والمسألة كذلك ، إذ كل من القول بالفور والتراخي والاشتراك وطلب الماهية والتوقف ، مبني على الادلة الظنية ، كما لا يخفى.
وأيضا : اشتراط القطع في الاصول مطلقا ، وسيما في اصول الفقه ـ كعدمه ـ مبني (١) على الادلة الظنية ، كالآيات القرآنية ونحوها ، والاصل ونحوه.
فإن قلت : كلام المرتضى ـ كما فهمه بعض الاصحاب (٢) ـ دال على أن الوجوب والفور والاجزاء ، من مدلولات الامر في الشرع ، فليس الاجماع واردا على المدعى.
قلت : لا ظهور لكلام السيد في ذلك ، إذ هو ما زاد على القول بوجوب حمل الامر عليه ، ولم يذكر بأنه مما وضع له اللفظ في العرف الشرعي ، فتأمل.
الرابع : قوله تعالى : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) (٣) ، ولا شك أن فعل المأمور به من الخيرات.
وقوله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ) (٤) ، حيث إن مسارعة العبد إلى المغفرة غير متصورة ، لانها من فعل الله تعالى ، فالمراد ـ والله أعلم ـ سببها ، وفعل المأمور به سببها ، كما قال تعالى : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ) (٥).
وإضمار سبب خاص ـ كالتوبة ـ ترجيح بلا مرجح ، لا دليل عليه.
وأيضا : حذف المفعول هنا ، إنما هو ليذهب ذهن السامع كل مذهب ،
__________________
١ ـ زاد في ط : أيضا.
٢ ـ الظاهر انه صاحب المعالم كما يظهر ذلك مما ذكره في الرد على استدلال السيد المرتضى : معالم الدين : ٥٨.
٣ ـ المائدة / ٤٨.
٤ ـ آل عمران / ١٣٣.
٥ ـ هود / ١١٤.