أو عاقبة المكذّبين بأوصيائهم (قُلْ) للمكذّبين والمقترحين (لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إلزاما لهم على الإقرار حتّى يتنبّهوا ان ليس لهم الاقتراح على المالك وانّه يفعل ما يشاء ويرسل من يشاء (قُلْ) أنت من قبلهم ولا تنتظر جوابهم فانّه لا جواب لهم سواه (لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) فبرحمته لا يهملكم ويرسل إليكم الرّسل ويرغّبكم في طاعته ويحذّركم من مخالفته ويمهلكم في معصيته (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) قرنا بعد قرن الجملة الاولى وهذه امّا جزء مقول القول أو استيناف من الله ، ويحتمل ان يكون هذه مستأنفة والاولى مقولة القول ، ويحتمل ان يكون هذه بدلا من الرّحمة لجواز تعلّق الكتب بالجملة (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) قد مضى نظيره (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) مستأنف لاستدراك ما يتوهّم من انّه لا ينبغي لأحد ان يبقى على الكفر بعد وضوح الأمر كأنّه قال لكنّ الّذين خسروا أنفسهم لا يؤمنون ، ودخول الفاء في الخبر وتخلّل الضّمير للدّلالة على السّببيّة والحصر والتّأكيد ، وقيل موضع الّذين نصب على الّذمّ أو رفع على الخبريّة اى أنتم الّذين خسروا أنفسهم (وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) هذا أيضا يحتمل كونه مقولا للقول ومستأنفا يعنى قل لهم بعد ما قلت انّ له ما سكن في الأمكنة له ما سكن في الازمنة ، وسكن من السّكنى أو السّكون ، ولمّا كان التّجدّد والانطباق على الزّمان من خواصّ الطّبيعيّات الّتى هي المتحيّزات كان ما سكن في اللّيل والنّهار يعنى ما دخل تحت الزّمان بعينه هو ما سكن في السّماوات والأرض اى ما انطبق على المكان وان عمّم السّماوات والأرض بين مطلق الأرواح والأشباح فاللّيل والنّهار يعمّان ، ولمّا كان مملوكيّة الأشياء له مهتمّا بها اكّد الاوّل بالثّانى بتغيير العبارة ليتمكّن في نفوسهم (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) لا سمع الّا بسمعه ولا علم الّا بعلمه (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) بعد انّه مالك الكلّ (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) التّوصيف به للاشعار بالعلّة (وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ) علّة اخرى للحكم (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ) لا يسبقني أحد في ظاهر الإسلام ولا في باطنه لانّى أمرت تكوينا وتكليفا ان أكون خاتم الرّسل وسابق الكلّ (وَ) قيل لي (لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أو هو عطف على قل (قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) تعريض بهم فانّه أبلغ في الإنصاف والمقصود قطع اطماعهم عن إضلاله ، عن الصّادق (ع) ما ترك رسول الله (ص) انّى أخاف ان عصيت ربّى عذاب يوم عظيم ، حتّى نزلت سورة الفتح فلم يعد الى ذلك الكلام (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) عن النّبىّ (ص) والّذى نفسي بيده ما من النّاس أحد يدخل الجنّة بعمله ، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ ـ قال (ص) : ولا انا الّا ان تغمّدنى الله برحمة منه وفضل (وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) مقول القول أو مستأنف من الله (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) عطف على قوله من يصرف (الى آخره) كأنّه قال ان يصرف الله العذاب عنك يؤمئذ فقد رحمك (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من اقامة السّبب مقام الجزاء يعنى فلا مانع له (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) كيفيّة قهره للعباد بفناء الكلّ تحت سطوته يستفاد ممّا مضى (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في فعاله لا يفعل ما يفعل الّا بحكمة (الْخَبِيرُ) بما يقتضي اختلاف التّدبير وأنواع التّصرّف فيهم (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) توطئة لاشهاد الله يعنى انّهم يقرّون بأنّ الله أعظم وأصدق من كلّ شهيد فنبّههم