على ذلك ثمّ قال (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ويحتمل ان يكون الله مبتدء محذوف الخبر جوابا من قبلهم وشهيدا خبرا محذوف المبتدأ مستأنفا لبيان المقصود (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) في اىّ مكان كان وفي اىّ زمان الى يوم القيامة يعنى لأنذركم وانذر من بلغه القرآن أو من صار بالغا مبلغ الرّجال وروى انّ من بلغ معطوف على المستتر في أنذركم وترك التأكيد بالضّمير المنفصل للفصل والمعنى لا نذركم انا ومن بلغ من آل محمّد (ص) ان يكون إماما كقوله تعالى ، و (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ) بعد ما وبّخهم على شهادتهم انّ مع الله الهة اخرى (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) من اليهود والنّصارى (يَعْرِفُونَهُ) اى رسول الله (ص) بما ذكر لهم في كتبهم من أوصافه أو الّذين آتيناهم الكتاب من أمّة محمّد (ص) يعرفون محمّدا (ص) بالصّدق في امر الولاية أو يعرفون عليّا (ع) بما شاهدوا منه من فضله وعلمه وصدقه وأمانته (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) مبالغة في إثبات معرفتهم (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) استيناف جواب لسؤال مقدّر أو استدراك توهّم متصوّر كأنّه قيل أفأمنوا به أو توهّم انّه ما بقي منهم كافر وتكرار الموصول لانّ كلّا جواب أو استدراك لما نشأ من امر غير منشأ الآخر ، ويحتمل كون الثّانى بدلا أو مفعولا لمحذوف أو خبرا لمبتدء (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بادّعاء خلافة الله لنفسه أو بنسبة ما قاسه برأيه الى الله ، أو بتوهّم انّ الرّسوم والعادات من الله ، أو بادّعاء النّيابة من الامام من غير اذن واجازة غفلة عن انّ النّيابة من الامام شفاعة عند الله للخلق ولا تكون الّا بإذن الله ، أو بكتابة كتاب النّبوّة بأيديهم ونسبته الى الله ، أو بكتب صورة القرآن بأيديهم ونسبته الى الله (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) التّدوينيّة والتّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة وأعظم الكلّ بل أصل الكلّ وحقيقته الإنسان الكامل والأصل فيه علىّ (ع) أمير المؤمنين ، ولفظ أو هاهنا لمنع الخلوّ فانّ أكثرهم جامعون بين الوصفين مع انّه لو لم يكن لهم الّا واحد منهما كفى (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) كأنّه قيل : فما حال الظّالم حتّى يكون من هو أظلم اشدّ فيها؟ فقال جوابا : انّه لا يفلح الظّالمون ولذا اكّده استحسانا (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) واذكر أو ذكّرهم (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) بالله في الآلهة أو أشركوا بولاية علىّ (ع) ولاية غيره كذا ورد عنهم (ع) هاهنا وفي أكثر موارد ذكر الشّرك والكفر ، والسّرّ في ذلك كما سبق مرارا انّ معرفة الله وصفاته والايمان به لمّا كان موقوفا على فتح باب القلب وفتحه يتوقّف على الولاية والبيعة الولويّة الّتى هي الايمان وبها يدخل الايمان في القلب وينفتح بابه ، ولذا ورد بنا عرف الله ، ومعرفة الله ان تعرف امام زمانك وغير ذلك بطريق الحصر كان الكفر والشّرك هو عدم فتح باب القلب أو عدم معرفة الامام أو الكفر والإشراك بالإمام والكفر بالرّسالة يكون كفرا على كفر (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) من أصنامكم وغيرها الّتى جعلتموها بالمواضعة شركاء لله ويقال هذا تهكّما بهم (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) انّهم شركاء لله أو شركاء لعلىّ (ع) (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) اى عذرهم للخلاص كما في الخبر من : فتنت الّذهب إذا أخلصته (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يحلفون على كذبهم لله كما كانوا يحلفون في الدّنيا للنّاس (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من آلهتهم أو من شركائهم في الولاية ، مضىّ الفعلين لتحقّق وقوعهما كأنّهما