انّ منشأ عبادتهم اهويتهم وقطع لاطماعهم وتأكيد لضلالتهم (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) إذ اتّبعت أهواءكم وعبدت مدعوّاتكم (وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) تسفيها لرأيهم وتعريضا بهم وانّهم على اهويتهم وتقليدهم ولا بيّنة لهم والعاقل ينبغي ان يكون في طريقه ودينه وجملة أفعاله على بيّنة (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) بالقرآن أو بعلىّ (ع) (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) قيل اشارة الى ما قيل فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب اليم عند نصب علىّ (ع) بالخلافة (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) وليس لي حكم فيما تستعجلون به (يَقُصُّ الْحَقَ) يفصّل الولاية كيف ما يقتضيه الحكمة والحكم لما سبق انّ الولاية هي الحقّ وانّ كلّ ما سواها فحقّ بحقّيّتها (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) بين الحقّ ومن اتّصل به والباطل ومن اتّصل به (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) لرفع النّزاع بيني وبينكم باهلاكى ايّاكم (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) فيه معنى الاستدراك يعنى لكنّ الأمر الى الله وهو اعلم بالظّالمين ، روى عنهم (ع) انّ ورود الآيات في الولاية (وَعِنْدَهُ) ابتداء كلام من الله أو جزؤ مفعول القول حالا كان أو عطفا (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) جمع مفتح بالفتح بمعنى المخزن أو مفتح بالكسر بمعنى المفتاح ولمّا نفى عن نفسه علم الغيب والقدرة على ما يستعجلون به اثبت مخازن الغيب أو أسباب العلم به والتّصرّف فيه لله تعالى بطريق الحصر وعلى الاوّل فقوله (لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) يكون تأسيسا وعلى الثّانى يكون تأكيدا ، ولمّا حصر علم الغيب فيه تعالى عمّم علمه بجملة المحسوسات الخارجة عن حدّ الإحصاء فقال (وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) من أوراق شجرة الجسم أو من أوراق شجرة العلم أو من أوراق شجرة الولاية أو من أوراق الشّجرة الانسانيّة من النّطف الّتى تقع في الرّحم ثمّ تسقط قبل ان تستهلّ (إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) وقد عمّمت الحبّة في الخبر ويسهل عليك تعميمها (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) إثبات المعلوميّة دون الثّبوت بالنّسبة الى الورقة السّاقطة ، ونسبة الثّبوت في الكتاب الى الأشياء الثّابتة للاشعار بانّ السّاقط ساقط عن الكتاب والثّابت ثابت في الكتاب ، والكتاب المبين هو اللّوح المحفوظ وصورته النّبوّة وصورتها القرآن الّذى أعطاه محمّدا (ص) والكلّ صورة الولاية الّتى أصلها وصاحبها أمير المؤمنين (ع) فعنده علم الكتاب الّذى لا رطب ولا يابس الّا فيه (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) التّوفّى أخذ الشّيء بتمام اجزائه والمراد منه هنا مطلق الأخذ وبعد ذكر احاطة علمه أراد أن يذكر احاطة الهيّته وربوبيّته (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ) ما كسبتم (بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ) من نومكم (فِيهِ) في النّهار (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) ليمضى مدّة عمركم أو الى ان يقضى ويختم غاية عمركم (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) يحكم فيهم ما يشاء بلا مانع ولا يكتفى بقهره وتسلّطه واحاطته (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) يحفظونكم من مردة الشّياطين وهو امّ الأرض وسائر الآفات ويحفظون أعمالكم بالكتب والثّبت (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) وقد مضى بيان توفّى الله والرّسل والملائكة وملك الموت في سورة النّساء (وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) فلا يشذّ عنهم شيء من