والنّجاة من العقوبة فيها ، أو القرب من الأنبياء والائمّة في الجنّة ، أو القرب من الله والاختصاص من بين الأمثال بذلك القرب لانّهم أخذوا صورة الدّين للدّنيا وجعلوا آلة الدّين شركا للدّنيا ، وقوله تعالى (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) اشارة الى هذا (وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) وذكّرهم الولاية بالقرآن أو ذكّرهم بولاء علىّ (ع) أو بعلىّ (ع) كراهة ان تمنع نفس من موائد الآخرة بما كسبت من أعمالها لانّ كلّ نفس بما كسبت رهينة الّا الّذين تولّوا أمير المؤمنين (ع) (لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) صفة بيانيّة لنفس ، أو استيناف في موضع التّعليل ، والولىّ والشّفيع قد مضى بيانهما (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ) وان تفد كلّ فداء (لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ) المتّخذون دينهم لعبا ولهوا (الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا) استيناف في موضع التّعليل (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) تعريضا بهم ومداراة معهم (ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) الى طريقه المستقيم الّذى هو الولاية (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) أذهبته الجنّة على غير طريق (فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) لا يدرى اين يذهب واين يذهب به (لَهُ أَصْحابٌ) لهذا المستهوى رفقة يرحمونه و (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) الى الطّريق قائلين (ائْتِنا) ترحّما عليه وهو لا يجيب لما خولط من مسيس الجنّ (قُلْ) لهم انّ مثلكم مثل هذا المستهوى فانّ الشّياطين قد غلبت عليكم وسلبتكم عقولكم وانا وأصحابي كرفقاء المستهوى ندعوكم الى الطّريق المستقيم الّذى هو ولاية علىّ (ع) ونقول لكم : انّ ولاية علىّ (ع) هو هدى الله و (إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) لا هدى سواه (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) من جملة المقول يعنى قل أمرنا لنسلم لربّ العالمين اعراضا عنهم بعد إتمام الحجّة عليهم أو إنصافا لهم في إظهار الدّعوى (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) عطف على لنسلم وان تفسيريّة ، وقيل : عطف على نسلم بتقدير دخول اللّام عليه وان مصدريّة لكن دخول ان المصدريّة على الإنشاء قليل والخطاب في قوله أقيموا يمنعه (وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) جملة حاليّة أو معطوفة على جملة انّ هدى الله هو الهدى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) سماوات الأرواح والأرض الأشباح بسبب الحقّ الّذى هو المشيّة الّتى هي ولاية علىّ (ع) كما سبق تحقيقه أو متلبّسا بالحقّ ، فانّ الولاية مع الكلّ ومتقوّم بها الكلّ ولا يخلو منها الكلّ (وَيَوْمَ يَقُولُ) عطف على منصوب اتّقوه أو على السّماوات أو على (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) بتقدير اذكر أو ذكّر ، أو خبر لقوله الحقّ والجملة عطف على جملة (هُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ، أو ظرف متعلّق بالحقّ أو بعالم الغيب والمعنى قوله الحقّ أو عالم الغيب يوم يقول للشّيء الّذى يريد إيجاده وانّما حذفه لقصد التّعميم مع الإيجاز (كُنْ) ذلك الشّيء (فَيَكُونُ) ويوجد ذلك الشّيء بلا تأبّ ولا تأنّ ، اعلم ، انّ اليوم كما يطلق على يوم عالم الطّبع مقابل ليله كذلك يطلق على كلّ من مراتب العالم ، فانّ كلّا بالنّسبة الى المرتبة الّتى دونها يوم والمرتبة الدّانية ليل بالنّسبة إليها ، ولمّا كان عالم الطّبع عالم الأسباب بمعنى انّ سنّته تعالى جرت بان يوجد الأشياء فيه بالأسباب ، كان موجوداته كأنّها تتأبّى عن الوجود بمحض قوله من دون تهيّة أسبابه والمكلّفون فيه أيضا يتأبّون عن قوله ، ولمّا كان مراتب الآخرة بتمام موجوداتها غير مسبوقة بمادّة ومدّة وسائر الأسباب كان موجوداتها قائمة