مِنْ قَبْلِنا) والإتيان بأداة القصر لشهرة الكتابين وأهلهما عندهم كأنّهم كانوا لا يعرفون أهل ملّة وكتاب غيرهما (وَإِنْ كُنَّا) ان مخفّفة من المثقّلة (عَنْ دِراسَتِهِمْ) قراءتهم وبيانهم للكتابين (لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا) أو للتّوزيع يعنى كان بعضهم يقولون ذلك وبعضهم هذا (لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ) لانّا احدّ ذهنا وادقّ فهما ، وهذا هو ديدن النّسوان لانّهنّ لا يرضين بنسبة النّقص الى انفسهنّ ويعتذرون بالاعذار الكاذبة ويفتخرن باستعداد الكمالات وقواها حين فقدانها على المتّصف بها ويتحسّرن على الفانية بالتّمنّيات والتّعليق على الفائتات (فَقَدْ جاءَكُمْ) جواب لشرط مقدّر ، اى ان كنتم صادقين فقد جاءكم (بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) كتاب هو حجّة واضحة على كلّ شيء من صدق النّبىّ (ص) ونبوّته والأحكام الّتى هي معالم الهداية (وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ) التّدوينيّة والتّكوينيّة وأعظمها علىّ (ع) فانّ الآيات التّدوينيّة تدلّ على التّكوينيّة وتكذيبها مؤدّ الى تكذيبها ، وهو تعريض بانّهم كذّبوا بآيات الله بعد وضوحها ولا أظلم منهم (وَصَدَفَ عَنْها) اعرض أو منع لكنّ الثّانى اولى للتّأسيس يعنى ضلّ واضلّ (سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ) ما ينتظرون (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) لقبض أرواحهم أو لعذابهم حين الموت (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) في الولاية وهو علويّة محمّد (ص) ووجهة ولايته كما قال (ع): يا حار همدان من يمت يرنى (أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) كأشياع علىّ (ع) الّذين هم آياته تعالى ، وتفسير الآيات في الاخبار بالعذاب في دار الدّنيا لا ينافي كونها عند الموت قبل الارتحال من الدّنيا ولا ينافي التّفسير بأشياع علىّ (ع) لانّ العذاب آية علىّ (ع) النّازلة وأشياعه آياته العالية (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) يعنى حين معاينة الموت (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) هو اشدّ آية على أهل الايمان خصوصا على من لا يراقب جهة ايمانه الّذى هو ذكره وفكره ، وقد فسّرت الآيات في هذه الآية بالأئمّة (ع) وبطلوع الشّمس من مغربها وبخروج الدّجّال وبظهور القائم (ع) وبخروج دابّة الأرض ، ولا ينافي ما ذكرنا (قُلِ انْتَظِرُوا) احدى الثّلاث (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) لها فانّ لنا بذلك الفوز ولكم الويل (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) الدّين يقال لكلّ سيره وسنّة ، النّاس على دين ملوكهم ، وعلى السّيرة الشّرعيّة الالهيّة ، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ، وللجزاء (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، ويطلق على الإسلام والعادة والعبادة والطّاعة والّذلّ والحساب والقهر والاستعلاء والملك والحكم والتّدبير والتّوحيد وجميع ما يتعبّد الله به ، والملّة والخدمة والإحسان وعلى غير ذلك من المعاني ، والتّحقيق انّ حقيقة الدّين هي الطّريق من القلب الى الله والسّير الى ذلك الطّريق أو عليه ويسمّى بالطّريقة وهما الولاية التّكوينيّة المعبّر عنها بالحبل من الله ، والولاية التّكليفيّة المعبّر عنها بالحبل من النّاس وبالولاية التّكليفيّة ينفتح باب ذلك الطّريق وصاحب الولاية المطلقة هو علىّ (ع) وهو متّحد مع الولاية المطلقة ، والولايات المقيّدة اظلال من هذه الولاية ولذلك صار علىّ (ع) خاتم الولاية وكلّ الأنبياء (ع) والأولياء (ع) يكونون تحت لوائه ، وكلّما يسمّى دينا من الشّرائع الالهيّة فانّما يسمّى دينا لاتّصاله بالولاية وارتباطه بحقيقة الدّين ، وتسمية السّيرة الغير الالهيّة بالدّين من باب المشاكلة مع السّيرة الالهيّة