المقرّرة عندهم بالبيعة العامّة النّبويّة وصدورها من جهة ذلك الاتّصال لا من تصرّفات الخيال والشّيطان ، وثقل هذا الميزان باتّصال الأعمال بالنّبىّ (ص) أو خليفته وجذبها ايّاه الى جهة عاملها أو جذبها عاملها الى النّبىّ (ص) أو خليفته وخفّتها بانقطاعها عن هذا الميزان وعدم جذبها ايّاه الى عاملها ، ولمّا كان لكلّ من صفحتي النّفس العمّالة والعلّامة جهتان سفليّة وعلويّة ، شيطانيّة وملكيّة فلا فرو في ظهورهما يوم العرض بصورة ذي الكفّتين ويظهر مثل تلك في الآخرة ، لانّه كما سبق كلّ ما وجد في النّفس والعالم الصّغير يظهر مثله في العالم الكبير في الآخرة فلا وجه لانكار بعض ظهور ذي الكفّتين ووزن الأعمال به ، وكذلك ميزان الأعمال القلبيّة هو الاتّصال بالإمام بالكيفيّة المقرّرة والبيعة الخاصّة الولويّة وصدورها من جهة ذلك الاتّصال وثقلها باتّصالها وخفّتها بانقطاعها مطلقا أو حين العمل بالغفلة عن الاتّصال ، وبتفاوت الاتّصال بالشّدّة والضّعف يتفاوت الأعمال في الثّقل فالمتّصل بالصّورة البشريّة اقلّ ثقلا ، والمتّصل بملكوت الامام تعمّلا أكثر ثقلا ، والمتّصل بملكوته من غير تعمّل أكثر ثقلا ، والمتّصل بجبروته بمراتبها أكثر ثقلا ، والمتحقّق به هو الثّقيل المطلق ، فلكلّ عمل موازين عديدة من بشريّة النّبىّ (ص) أو الامام (ع) ، وقوله وفعله وملكوته وجبروته ، ولكلّ مراتب عديدة ، وكلّ مرتبة ميزان الأعمال المتّصل بتلك المرتبة ، هذا إذا أريد بالحقّ معناه الوصفىّ اللّغوىّ اى الثّابت المحقّق ، وامّا إذا أريد معناه العرفىّ اى الحقّ المضاف والولاية المطلقة ولذا جيء به معرّفا باللّام مشيرا الى الحقّ المعهود ، فالمعنى انّ الوزن يعنى الميزان يومئذ الولاية ولمّا كان للولاية مراتب كما انّ لعلىّ (ع) مراتب بحسب بشريّته وملكوته وجبروته وحقّيّته ، وكما انّ للعالم مراتب بحسب ملكوته السّفلىّ وملكه وملكوته العليا وجبروته بمراتب كلّ منها ، وكلّ مرتبة منها ميزان لما يناسبها ويوافقها قال تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) بصيغة الجمع ووجه الثّقل والخفّة قد عرفت (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فانّ الفلاح بالانجذاب الى العلو والمتّصل منجذب الى العلو بخلاف المنقطع فانّه قد ينجذب الى السّفل وهو الجحيم (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) بإهمال قوّة الاتّصال والاستعداد له الّتى أعطاها الله تعالى بضاعة لهم (بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ) بعدم الاتّصال بالآيات القرآنيّة والنّبويّة والولويّة بمراتبها والانفسيّة وظلمها عبارة عن جحودها كما في الخبر يعنى عدم الاتّصال بها بالكيفيّة المخصوصة وعدم التّوجّه إليها وعدم السّير إليها ، فانّ الظلم منع الحقّ عن المستحقّ وقوّة قبول الولاية والتّوجّه إليها والسّير إليها والحضور عند صاحبها والفناء فيه حقّ الامام ، وبما ذكرنا في كيفيّة الوزن والميزان يرتفع الاختلاف عن الاخبار مع غاية اختلافها (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ) الطّبيعيّة أو ارض البدن أو ارض القرآن والسّير والاخبار لان تؤدّوا الحقوق الى مستحقّيها (وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) لأبدانكم وأرواحكم (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) بأداء الحقّ الّذى هو استعداد الاتّصال والقبول من عقل أو نبىّ أو وصىّ اليه (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ) تعداد للنّعم وقبح الكفران بها (ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) يعنى خلقنا أباكم آدم (ع) بجمع ترابه الّذى هو بمنزلة النّطفة ، ثمّ صوّرناه بعد أربعين صباحا كذا قيل ، أو خلقناكم بإلقاء نطفكم في الأرحام ، ثمّ بعد مضىّ زمان صوّرناكم بالصّورة الجسمانيّة من امتياز العين والأنف واليد والرّجل والحسن والقبيح والقصير والطّويل وغير ذلك ، وبالصّورة الرّوحانيّة من الأخلاق الحسنة والسّيّئة والسّعادة والشّقاوة ، والى هذا أشير في الخبر ولا ينافي ذلك قوله تعالى (ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) فانّ ذراري