يستخفى فاعلها كالزّنا واللّواط والظّاهرة بالّتى لا يستخفى كنكاح زوجة الأب عكس ما ذكر وله وجه ، أو غير متناهية في القبح بحيث لا يعدّها العقول الجزئيّة من أمثاله قبيحة ولا يستخفى فاعلها من أمثاله وهو الإثم كشرب الخمر والنّبيذ ، أو بحيث يعدّها العقول الجزئيّة من أمثاله خيرا ومدحا لفاعله ويباهي فاعلها باعلانها كالحكومات والقضاوات الغير الشّرعيّة الّتى هي مثال القضاوات الشّرعيّة وسائر المناصب الشّيطانيّة الّتى يتمنّاها أمثاله من الجهلة ، وبعبارة اخرى امّا تظهر أفعاله وأخلاقه بصورة افعال النّساء أو بصورة افعال الخناثى أو بصورة افعال الرّجال ، وبعبارة اخرى فاعلها في الانظار الجزئيّة المخطئة امّا ذو انوثة أو ذو خنوثة أو ذو ذكورة ، والى هذه الثّلاثة أشير بالفواحش والإثم والبغي وحاصل الحصر ، انّ الإنسان امّا كافر أو مشرك بالكفر والشّرك الحقيقيّين أو مؤمن ، والكافر جميع ما يصدر عنه محرّم عليه قولا أو فعلا أو خلقا لانّها تابعة للكفر المحرّم وهي تنقسم الى ثلاثة أقسام واكتفى عن ذكر الكفر بما ذكر لاستلزامها ايّاه وشمولها المحرّمات المشرك والمؤمن من حيث الكفر ، والمشرك له جهة كفر وجهة ايمان ، وآثاره من حيث الكفر ملحقة بآثار الكفر ومن حيث الايمان بالايمان ، والمؤمن آثاره من حيث الايمان حلال له الّا نسبة القول الى الله من غير علم على التّفصيل الآتي ، ولمّا كان المراد بالبغي مطلق التّبسّط والحكومة والرّياسة ، قيّده تعالى بقوله بغير الحقّ من : بغى بغيا ، استطال ولا حاجة الى جعل القيد بيانيّا خلافا للظّاهر وقيد الإشراك بما لم ينزّل به سلطانا ، اشارة الى انّ المراد بالشّرك بالله الشّرك بالولاية والشّرك بالولاية التّكوينيّة امّا بمرّمة المعاش أو تلّذذ النّفس وهما ان كانا من جهة امر الهىّ لم يكونا اشراكا بالله ما لم ينزّل به سلطانا ، والشّرك بالولاية التّكليفيّة ان كان باشراك من امر الامام (ع) باتّباعه لم يكن اشراكا بالله ما لم ينزّل به سلطانا ، وليس الشّرك بالله حالا وشهودا الّا الإشراك بالولايتين ، فالتّقييد هناك أيضا في محلّه ولا حاجة الى التّكلّفات الّتى ارتكبوها ، والموحّد الحقيقىّ أو المشرف على التّوحيد امّا يكون قوله وفعله وخلقه واعتقاده من حيث توحيده أو لم تكن من حيث توحيده وايمانه فما كان من حيث الايمان فهو حلال :
كفر گيرد ملّتى ملّت شود
وما لم يكن من حيث الايمان فهو ملحق بأفعال الكافر وأخلاقه لكنّ المؤمن قد يجرى على لسانه بقوّة محبّته ، أو لوجدانه وشهوده ، أو لاعتياده السّابق من سهولة الخطب في القول ما لم يأخذه من عالم وقته ولم يتيقّنه من شهوده ووجدانه ، أو تيقّنه لكن لم يكن موافقا لحاله ، أو لم يكن موافقا لحال السّامع بحسب الوقت والمكان فنهى الله تعالى عن ذلك ، وان كان من حيث ايمانه فعلى هذا كان تقدير قوله تعالى : (ما لا تَعْلَمُونَ) ما لا تعلمون عينه أو وقته أو مستمعه أو موافقته لحاكم ، ولمّا كانت ائمّة الجور متحقّقة بتلك المحرّمات وصارت تلك المحرّمات ذاتيّة لهم صحّ تفسيرها بأئمّة الجور وفسّر في بعض الاخبار بالسّلاطين من بنى أميّة وسائر ولاة الجور ، ونقل عن الصّادق (ع) ، انّ القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرّم الله في القرآن هو الظّاهر والباطن من ذلك ائمّة الجور ، وجميع ما أحلّ الله في الكتاب هو الظّاهر والباطن من ذلك ائمّة الحقّ. والسّرّ في ذلك ما قلنا من انّ ائمّة الجور هم المتحقّقون المتجوهرون بجميع المحرّمات ، وائمّة الحقّ (ع) هم المتحقّقون المتجوهرون بجميع المحلّلات ، وعنه (ع) في بيان (أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) : ايّاك وخصلتين فيهما هلك من هلك ؛ ايّاك ان تفتي النّاس برأيك وتدين بما لا تعلم ، وفي رواية ان تدين الله بالباطل وتفتي النّاس بما لا تعلم. والغرض انّ الاعتقاد والفتيا إذا لم يكونا بوحي أو تحديث ولا بتقليد صاحب وحي وتحديث فهما قول على الله بما لا يعلم ، فالويل ثمّ الويل لمن استبدّ برأيه في دينه من غير أخذ من اهله ولمن افتى النّاس من غير