علم وأخذ من صاحب وحي وتحديث حيث قرنه الله بالكافر والمشرك (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) كأنّه قال فكلّ من المؤمنين ومرتكبي الفواحش والإثم والبغي والمشرك والقائل على الله ما لا يعلم أمّة قاصدة جهة من جهات الآخرة وليس لواحدة منهم البقاء فلا يتّكلوا على قلائل ايّامهم لانّ لكلّ أمّة أجلا (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) اى إذا قدّر وعيّن مجيئ أخر وقتهم للموت أو مدّة عمر هم لا يتأخّرون اقصر وقت ولا يتقدّمون لخروج ذلك عن اختيارهم ، أو لا يطلبون التّأخّر والتّقدّم لعدم علمهم بذلك الوقت ، أو لعلمهم بانّه خارج عن اختيارهم أو إذا قارن مجيئ أجلهم لا يطلبون ذلك لدهشتهم وهو وعيد وتمهيد لقوله تعالى (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي) التّكوينيّة بالآيات التّدوينيّة (فَمَنِ اتَّقى) مخالفة الآيات التّدوينيّة بترك العمل بها ومخالفة الآيات التّكوينيّة الآفاقيّة والانفسيّة بترك الاتّعاظ بها والاعراض عنها والآيات العظيمة الّذين هم الأنبياء (ع) والأولياء (ع) بترك اتّباعهم وتكذيبهم والاستهزاء بهم (وَأَصْلَحَ) بالاتّصال بالآيات العظمى بالبيعة العامّة والخاصّة بالاتّعاظ بالآيات الصّغرى (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى هذه الآية في اوّل البقرة وفي سورة الانعام مفصّلا (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها) بترك امتثالها والاتّعاظ بها والاتّصال بها بإحدى البيعتين (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وقد اختلف القرينتان في لفظ الموصول ودخول الفاء وعدمه والنّفى وعدمه وتكرار المبتدأ باسم الاشارة وعدمه ، والوجه في ذلك الاشارة الى اتّحاد نفوس المتّقين والاختلاف والفرقة في المكّذبين والاشارة الى لزوم الخبر للصّلة في الاولى دون الثّانية لعدم تخلّف وعده تعالى دون وعيده ، ولو جعل من شرطيّة كان أبلغ في ذلك المعنى ولذلك أتى في الاولى بمن المشتركة بين الشّرط والموصول وإحضار المبتدأ بوصفه المذكور له تفظيعا لحال المكّذبين وتحذيرا عن مثل حالهم مع قصد حصر صحابة النّار فيهم بخلاف الاولى ، فانّه لم يقصد فيها حصر لما سبق من جواز تخلّف الوعيد ودخول المكّذبين الجنان ورفع الخوف والحزن عنهم ، ووجه الاختلاف بنفي ضدّ المستحقّ في الاولى وإثبات المستحقّ في الثّانية كون المقام مقام الوعيد والإنذار ، فانّ ذكر المحرّمات توعيد لمرتكبيها لا وعد لتاركيها لانّ الفضل لمن امتثل الأمر لا لمن ترك المنهىّ ولذا لم يكتف بقوله فمن اتّقى وأضاف اليه أصلح في جانب الوعد ، وكذا الاخبار بانقضاء الأمد وفناء البسطة وإتيان الرّسل بعد تلك الإنذارات توعيد للمكّذبين ، ولكون المقام للانذار بسط في جانب الوعيد دون الوعد والمناسب لمقام الوعيد نفى الخوف والحزن عن غير المستحقّ وإثبات العقوبات للمستحقّ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أتى بفاء التّفريع والاستفهام الانكارىّ اشارة الى استنباطه ممّا سبق وتأكيدا لا ظلميّة المفترى ، فانّ مفهومه وان كان لنفى اظلميّة الغير من المفترى لكنّ المقصود إثبات اظلميّة المفضّل عليه والمراد بالمفترى ائمّة الجور ورؤساء الضّلالة الّذين لم يكونوا أهلا للرّياسة ويدّعون الخلافة وهم اشدّ ظلما ممّن كذّب بآياته فقط ، والقائل على الله ما لا يعلم أخفّ ظلما منهما فانّه لا ينافي تصديق الآيات كما سبق (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) لانّه قد سبق انّه المستحقّ لصحابة النّار والمراد بالمكذّب بالآيات تابع ائمّة الجور والمقصود من الآيات أعظمها وغايتها الّتى هي الولاية ومن المفترين والمكذّبين منافقوا الامّة الّذين قبلوا الدّعوة الظّاهرة