وبايعوا محمّدا (ص) بيعة اسلاميّة بقرينة قوله : (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) لانّ المراد بالكتاب الكتاب المعهود المفسّر بكتاب النّبوّة ، ولمّا كان لقبول الدّعوة الظّاهرة والأحكام القالبيّة الاسلاميّة شرافة واثر فمن قبل وعمل ولم يكن له نصيب من الآخرة يناله اثر ذلك العمل والحظّ الموعود في الدّنيا حتّى يخرج من الدّنيا وليس له حقّ على الله ، من كان يريد ثواب الدّنيا بإسلامه وقبول احكامه يؤته منها وماله في الآخرة نصيب (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) بقبض أرواحهم حال من الفاعل أو المفعول أو كليهما أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر ، أو هي جواب إذا وقوله و (قالُوا) حال أو مستأنف ، أو عطف على جاءتهم أو يتوفّونهم يعنى قال الرّسل تقريعا لهم (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) بالاعراض عن خلفائه ومظاهره الولويّة ودعوة غيرهم من مظاهر قهره وأعوان أعدائه ممّن ادّعى الخلافة في مقابل أوصياء أنبيائه (ع) (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) قالوا ذلك لانّهم كانوا أصحاب الخيال والكثرات ودعوتهم لائمّة الجور كانت من جهة الحدود والتّعيّنات وحين المحاسبة وظهور الوحدة لا يبقى حدّ وتعيّن ويرون انّهم كانوا ساترين في تلك الدّعوة جهة الوحدة والولاية (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) لوجهة القلب والولاية (قالَ) الله (ادْخُلُوا) بعد عودهم عن الوحدة الى مقرّ الكثرة حالكونكم (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) الّذين كانوا من سنخكم داعين لمن لم يؤذنوا في دعوتهم (فِي النَّارِ) ظرف الدّخول ، ويحتمل ان يكون في أمم ظرف الدّخول وفي النّار بدلا منه بدل الاشتمال ، أو حالا من سابقه (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) امّا المتألّفون والمتحابّون منهم فلظهور انّ مجالسة بعضهم بعضا ومؤانسته ومحادثته منعتهم من الايمان بخلفاء الله واتّباع أوليائه ، وامّا الأجانب وغير المعروفين فلاستحقاقهم اللّعن مثلهم وهذا بعينه ديدن أهل الدّنيا فانّهم وقت الدعة والرّاحة احبّاء ، ووقت الشّدّة والبلاء أعداء ، ويلعن بعضهم بعضا خصوصا النّسوان ومن كان على طباعهنّ من الرّجال ، والجملة امّا حال من فاعل ادخلوا أو من أمم أو من فاعل خلت أو الجنّ والانس أو من النّار والكلّ بتقدير العائد أو معترضة ذمّا للأمم (حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً) يعنى لحق التّابعون للمتبوعين في الدّرك الأسفل (قالَتْ أُخْراهُمْ) التّابعون اللّاحقون (لِأُولاهُمْ) المتبوعين يعنى في حقّهم (رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ) لضلالهم واضلالهم (قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ) باعتبار قوّتى العلّامة والعمّالة أو باعتبار تجسّم العمل في النّفس واستتباعه لمثله في الجحيم أو باعتبار الضّلالة وإهمال التميّز ، أو باعتبار صفحتي كلّ من العلّامة والعمّالة (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) انّ لكلّ ضعفا لخفائه وخفائه سببه عليكم (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ) مخاطبين لهم (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) لاستحقاقكم الضّعف جاؤا بالفاء تفريعا لقولهم على قول الله لاثبات قولهم (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) امّا من قول الله تقريعا وتهكّما ، أو من قول الرّؤساء (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها) قد مضى تفصيل في مثلها (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) سماء الأرواح لانّ بابها القلب وفتحه بالولاية التّكليفيّة وقد كذّبوا بها (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) تعليق على ما لا يكون ، أو المراد انّ انانيّاتهم مانعة من دخول الجنّة