اضافة النّبات المشعرة بالعموم ومع المقابلة مع قرينه وهو قوله (وَالَّذِي خَبُثَ) بالنّسبة الى الأراضي الصّالحة بسبب كونه سبخة (لا يَخْرُجُ) نباته (إِلَّا نَكِداً) قليل المقدار عديم النّفع (كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) نعمنا الظّاهرة والباطنة وان كان بصورة الرّياح المختلفة والابتلاءات والنّقمات ، فانّ تصريف أمثال هذه الآيات لمن عرف انّها نعم لا لمن رآها نقما ولا يشكر بل يكفر بسببها ، فانّ كفره وكفرانه ليس غاية لفعلنا بل هو مترتّب عليه بالعرض ، ونقل انّه قال عمرو بن العاص للحسين بن علىّ عليهماالسلام : ما بال لحاكم أو فر من لحانا؟ فقرأ هذه الآية ، وأمثال هذا التّفسير للآيات تدلّ على جواز تعميمها في كلّ ما يمكن ان تصدق عليه حقيقة أو مجازا (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) بعد ذكر الإبداء والتّربية والتّدبير والاعادة بالتّمثيل ذكر تعالى إرسال الرّسل ليكونوا على ذكر منه فلا يستغربوا رسالة البشر ، وذكر قصصهم مع اقوامهم وما قالوا لهم وما فعل بالمقرّ والمنكر منهم تسلية للمؤمنين وتهديدا للمنكرين المكّذبين (فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أمرهم بالتّوحيد وعبادة ذلك الواحد كما هو ديدن جميع الأنبياء (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ان تتركوا عبادته وتوحيده (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) اى المترفون والرّؤساء ، فانّ الاتّباع لا شأن لهم الّا القبول والتّقليد وعدم اتّباعهم للأنبياء لانّ نظرهم الى الدّنيا وكان المترفون في نظرهم اجلّ شأنا من الأنبياء (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) لما رأوه مخالفا لسيرتهم المحبوبة الدّنيويّة الّتى يحسبونها أحسن ما يكون فانّ كلّ حزب بما لديهم فرحون ، ولذا اكّدوه بتأكيدات (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ) داراهم بنفي معتقدهم ولذا لم يؤكّده مثل تأكيداتهم (وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ) أتى باللّام اشارة الى خلوص النّصح عن شوب الخديعة (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ) يعنى من صفاته وتدبيره أو بإفاضة الله (ما لا تَعْلَمُونَ) بلّغ اوّلا رسالته مع تعقيبه بالإنذار ولمّا كذّبوه بابداء اعتقاد ضدّ الرّسالة وهو الضّلالة نفى معتقدهم واثبت دعواه مع لازمها الّذى هو التّبليغ ، ثمّ عقّبها بما لا ينبغي ردّه من النّصح والعلم بما ليس لهم علم به مداراة معهم وإظهارا للرّأفة بهم (أَوَعَجِبْتُمْ) اى أكذّبتم وعجبتم يعنى لا ينبغي التّعجّب منكم (أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ) اى ما به تذكّر كم للآخرة (عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) أبدل الرّسالة الّتى فيها الشّقاق والعناد بلازمها الّذى فيه صلاحهم وهو تذكّرهم بعواقب أمورهم واضافه الى الرّبّ المضاف إليهم حتّى يكون أقرب الى النّصح والقبول ، ثمّ عقّبه بغايات ثلاث مترتّبة منسوبة الى الرّسول والمرسل إليهم والمرسل وفي الكلّ صلاحهم ونفعهم لابداء انّ دعواه الرّسالة ليست الّا محض نفعهم حتّى يكون ابعد من الشّغب ، فقال (لِيُنْذِرَكُمْ) عمّا أنتم عليه ممّا ليس فيه الّا الشّرّ والسّوء (وَلِتَتَّقُوا) عمّا فيه فسادكم بالتّوجّه والرّغبة فيما فيه صلاحكم (وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) من ربّكم وهو حسن العاقبة (فَكَذَّبُوهُ) مع انّه لم يبق لهم عذر في تكذيبهم (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ) من المؤمنين (فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) ولم يبق لهم بصيرة حتّى نترقّب استبصارهم ولا نؤاخذهم (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) المراد اخوة العشيرة والقبيلة لا اخوة الدّين (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ قالَ