دليلا على عدم الايمان بالله ، ولمّا كان الإمساك والتّبذير دليلا على كفران كون النّعمة من الله قال : والّذين ينفقون أموالهم بإضافة الأموال إليهم (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً) حال وعدم الإتيان بقد لعدم قصد المضىّ أو هو بتقدير قد أو عطف على قصد التّعليل يعنى علم الله بهم وهم في طريق رضاه يستدعى عدم الوزر عليهم (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) مقدار ذرّة هي أصغر النّمل أو جزء من أجزاء الهباء (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) قرئ بالنّصب والرّفع بتقدير تك ناقصة وتامّة (يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً) قوله (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ) (الى آخر الآية) مستأنف أو حال في مقام التّعليل لقوله : (ما ذا عَلَيْهِمْ) لانّه يستعمل في مثل المقام لنفى الوزر والعقوبة وللتّعريض بالأجر فكأنّه قال : لا وزر ولا عقوبة عليهم بل لهم الأجر لو آمنوا بالله لانّ الله لا يظلم حتّى يعاقب المحسن ويضاعف الأجر للمحسن بحسب استحقاقه للأجر ويؤت المحسن من لدنه اجرا عظيما من غير استحقاق ، وتسمية ما يعطيه من غير استحقاق اجرا لاستتباع الأجر له ، أو المراد انّ الله يضاعف نفس الحسنة باعتبار جهتي النّفس العمّالة والعلّامة في النّفس ويؤت من لدنه اجرا اخرويّا خارج النّفس على ما سبق من تحقيق تجسّم الأعمال واستتباع تجسّم الأعمال في النّفس الأجر الاخروىّ (فَكَيْفَ) يكون حال هؤلاء المختالين الموصوفين بالأوصاف السّابقة من شدّة الخوف والعقوبة (إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) من أمم الأنبياء (بِشَهِيدٍ) هو نبيّهم أو من كلّ فرقة من فرق أمّتك بشهيد هو امامهم في عصرهم أو من كلّ أمّة من أمم الأنبياء ومن كلّ فرقة من فرق أمم الأنبياء ومن فرق أمّتك بشهيد هو نبيّهم أو وصىّ نبيّهم وامامهم وقد أشير الى الكلّ في الاخبار لكن لمّا كان المقصود منه تحذير المنافقين من الامّة المرحومة عن مخالفة علىّ (ع) والأوصياء من بعده ورد عن الصّادق (ع) انّها نزلت في أمّة محمّد (ص) خاصّة بطريق الحصر (وَجِئْنا بِكَ) يا محمّد (ص) (عَلى هؤُلاءِ) الأمم والفرق ، أو على هؤلاء الشّهداء أو على هؤلاء الأمم والفرق والشّهداء (شَهِيداً) تشهد لهم وعليهم أو تشهد لبعض وهم الأنبياء والأوصياء ومن أقرّ بهم ، وعلى بعض وهم المنكرون لهم الغير المقرّين بهم (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله أو بالرّسل أو بأوصيائهم وولايات أوصيائهم لكن لمّا كان المقصود تحذير منافقي الامّة كان المقصود يودّ الّذين كفروا بعلىّ (ع) وولايته (وَعَصَوُا الرَّسُولَ) في امره بولاية علىّ (ع) في غدير خمّ وغيره (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) قرئ بفتح التّاء وتخفيف السّين من التّفعّل ماضيا أو مضارعا محذوف التّاء ، وقرئ بفتح التّاء مشدّد السّين من التّفعّل مدغم التّاء في السّين ، وقرئ بضمّ التّاء من التّفعيل مبنيّا للمفعول واستوت به الأرض وتسوّت وسويّت مبنيّا للمفعول اى هلك ، ولفظة لو مصدريّة أو للتمنّى والباء للتّعديّة والمعنى يودّون في ذلك اليوم مساواتهم للأرض بان كانوا يدفنون في ذلك اليوم أو يوم غصب الخلافة أو لم يبعثوا أو كانوا ترابا ولم يخلقوا ، أو جعلوا قابلا محضا ولم يكن لهم فعليّة أصلا (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) عطف على يودّ والمعنى يومئذ لا يكتمون الله حديثا كما كانوا يكتمونه من خلفائه في الدّنيا ، أو عطف على تسوّى والمعنى يودّون لو لا يكتمون الله حديثا في الدّنيا ، وعلى ما بيّنا انّ المقصود منهم منافقوا الامّة فهم يتمنّون انّ الأرض تبلعهم في اليوم الّذى غصبوا الخلافة ولا يكتمون في ذلك اليوم حديث الرّسول (ص) في حقّ علىّ (ع) وقد أشير الى كلّ منهما في الاخبار ، ولمّا أفاد في السّابق لزوم الايمان بالله ولزوم طاعة الرّسول (ص) ولزوم اتّباع الشّهداء في كلّ زمان ولكلّ فرقة أراد أن يبيّن كيفيّة المعاشرة مع الرّسول والشّهداء ومع نفسه في عباداته وخصوصا أعظم العبادات