انّ المنافقين كانوا يذكرون الله علانية ولا يذكرونه في السّرّ فقال الله تعالى : (يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) في جملة أوقاتك فانّه قد يستعمل الغداة والعشىّ ومراد فاتهما في لسان العرب والعجم في استغراق الأوقات ، أو المراد هذان الوقتان لشرافتهما على سائر الأوقات وفراغة الإنسان من مشاغلة الدّنيويّة والضّروريّات البدنيّة والالتذاذات النّفسيّة غالبا في هذين الوقتين (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ) المنمكين في الغفلة ولم يقل : ولا تغفل ، كما هو طريقة المشاكلة في المقابلة لانّ الإنسان قلّما ينفكّ عن حدوث الغفلة (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) في موضع التّعليل للأمر والنّهى والمراد من حصل له الحضور عنده من الأنبياء (ع) والرّسل (ع) وخلفائهم في سلسلة الصّعود والملائكة المقرّبين في سلسلة النّزول (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ) على سبيل الاستمرار (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) استمرارا فان أردت اللّحوق بهم والاتّصاف بصفاتهم فلا تغفل عن ذكره.