على شيئا يعنى لن تغني عنكم فئتكم ضرّا ولا كون الله مع المؤمنين الّذى هو سبب هزيمتكم وضرّكم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بعد ما ذكر معيّته للمؤمنين ونصرتهم بالملائكة ناداهم تلطّفا بهم وترغيبا لهم في طاعة الرّسول (ص) الّتى هي ملاك الايمان وتحذيرا عن مخالفته الّتى هي تنافي الايمان (أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) تلك المواعظ ومعيّة الله ونصرته ، ولمّا كان طاعة الله بطاعة الرّسول (ص) لم يكرّر الفعل وأفرد الضّمير المجرور (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا) سماع لفظ كالحيوان (وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) سماع المعنى كالإنسان (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُ) عن المقصود (الْبُكْمُ) عن التّنطّق بالحقّ المقصود من السّماع (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) المقصود من إشارات المسموع (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) هذه الشّرطيّة لانتفاء الثّانى لانتفاء الاوّل كما هو أكثر موارد استعمال لو لغة وليست لمحض بيان الملازمة بين التّالى والمقدّم كما هو طريقة استعمال المنطقيّين (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) هذه الشّرطيّة لبيان الملازمة بين التّالى والمقدّم الّذى هو ضدّ ملزوم التّالى مع الاشعار بتحقّق ملزومه الواقعىّ مبالغة في تحقّق التّالى مثل : لو لم يخف الله لم يعصه ، فليست القضيّتان على طريقة استعمال الشّرطيّات في المنطق واقيستها حيث يظنّ انهما صورة قياس اقترانىّ من الشّكل الاوّل ، ولو سلّم فالكبرى مهملة غير منتجة فالبحث بانّه قياس من الشّكل الاوّل وينتج : لو علم الله فيهم خيرا لتولّوا ، ساقط من أصله ، ولو سلّم صحّة القياس فالنتيجة صحيحة من قبيل : لو لم يخف الله لم يعصه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ) بالحيوة الانسانيّة وهو الايمان الخاصّ الحاصل بالولاية الّتى هي سبب دخول الايمان في القلب الّذى هو سبب حيوة القلب ، فالمعنى إذا دعاكم الرّسول (ص) لولاية علىّ (ع) ودعاؤه دعاء الله فاستجيبوه ، وقد فسّر في الاخبار بولاية علىّ (ع) والسّرّ في ذلك انّ حيوة الإنسان بانفتاح باب قلبه الى دار الحيوان ووصول اثر الحيوة من تلك الدّار اليه وهو الايمان الدّاخل في القلب ، وانفتاح باب القلب ووصول اثر الحيوة اليه لا يتصوّر الّا بالولاية الّتى هي الاتّصال بولىّ الأمر الّذى هو الحىّ بالحيوة الاخرويّة وبإعطاء اثر الحيوة بنفخته في القلب بتلقين الذّكر الّذى هو سبب انفتاح بابه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) اى يصير حائلا بين المرء ونفسه فان أراد سعادة المرء يمنع من وصول اثر عصيانها اليه لئلّا يقوده الى النّار ، وان أراد شقاوته يمنع من وصول اثر طاعتها اليه لئلّا يقوده الى الجنّة ، أو يصير حائلا بين المرء وقلبه الّذى به خيراته وحيوته الحقيقيّة فيمنع ان شاء من وصول اثر الحيوة الانسانيّة اليه ، أو يصير حائلا بينه وبين النّفس لئلّا يعلم انّ الحقّ باطل والباطل حقّ ، أو يصير حائلا بين المرء حين اشتهى شيئا من مشتهياته وبين قلبه الّذى فطر على الحقّ حتّى لا يخرج المشتهيات المرء عن الحقّ الى الباطل أو يصير حائلا بين المرء ونفسه اى مشتهياتها ، فلا يدع المرء ان يتّبع مشتهيات النّفس أو يوقع الحالات بين المرء وقلبه يعنى بيده تسخير الأحوال أو يتردّد بين المرء وقلبه فيعلم خفيّات أحوالهما أو يتردّد بين المرء وقلبه فيوصل الحيوة الابديّة الى المستجيب ويمنعها من غير المستجيب ، والمقصود على كلّ المعاني التّحذير عن ترك الاستجابة والتّرغيب في الاستجابة ، وفي الاخبار تصريح بالبعض وتلويح الى البعض الآخر (وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) لا تصيبنّ صفة لفتنة فانّ المقصود التّحذير عن فتنة مخصوصة مقيّدة لا فتنة ما ، ولا الفتنة المطلقة فانّ الاولى لا يتعلّق بها غرض والثّانية