تقتلوا ، كما في الاخبار فالمقصود عامّ والمراد بخيانة الله والرّسول (ص) هو خلاف ما أظهر للرّسول (ص) في البيعة والميثاق من عدم مخالفته ظاهرا وباطنا وارادة خير المؤمنين كذلك ، والمراد بالأمانات امّا الأمانات التّكوينيّة الّتى أصلها واسّها وملاكها الامانة المعروضة على السّماوات والأرض ، الّتى هي اللّطيفة السّيّارة الانسانيّة المستتبعة لتمام القوى الانسانيّة المستلزمة لتمام التّكاليف الشّرعيّة النّبويّة والاصليّة الولويّة الحاصلة منها تمام المراتب الانسانيّة ، أو الأمانات التّكليفيّة الولويّة القلبيّة من الذكر المأخوذ من ولىّ الأمر وسائر ما يؤخذ ، أو الأمانات التّكليفيّة النّبويّة المأخوذة من نبىّ الوقت من الأعمال القالبيّة الشّرعيّة ، وتخونوا امّا معطوف على المنهىّ فيكون كلّ نهيا مستقلّا أو بتقدير ان بعد الواو بمعنى مع فيكون مشعرا بمعيّة الثّانى للاوّل معيّة المسبّب للسّبب (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) اى تشعرون غير غافلين ووجه التّقييد بالحال الاشارة الى انّ الإنسان قلّما ينفكّ عن غفلة عمّا امر به وانّه خيانة بوجه ما ، لكنّه غير مضيّق عليه وغير مشدّد عليه مثل عدم الغفلة ، ولمّا كان الخيانة كثيرا ما تقع بسبب الأموال والأولاد فانّ الإنسان يدع دينه لأولاده عقّبه بذمّ الأموال والأولاد فقال (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) امتحان لكم من الله هل تشغلون بها عن أماناتكم أم تثبتون معها على أماناتكم فمن شغل بها خلص شقاوته ومن ثبت على أماناته استحقّ اجرا عظيما لخلوص سعادته (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمن ثبت وخلص عن الفتنة سالما ، أو المعنى واعلموا انّما أموالكم وأولادكم فتنة وفساد لكم فلا تغترّوا بها وانّ الله عنده أجر عظيم فاطلبوه منه بترك الاشتغال بالأموال والأولاد (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالايمان العامّ (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ) في مخالفة الرّسول (ص) (يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) نورا فارقا بين الحقّ والباطل وهو نور الولاية ، فالمراد بالتّقوى هي التّقوى المتقدّمة على الايمان الخاصّ ، أو ان تتّقوا الله في الانحراف عن الطّريق المستقيم الى الطّرق النّفسانيّة المعوجّة بالولاية والايمان الخاصّ الدّاخل في القلب بالبيعة الخاصّة الولويّة فانّ حقيقة التّقوى وهي التّحفّظ عن الانحراف الى الطّرق النّفسانيّة لا تحصل الّا بالوصول الى الطّريق الى الله بالولاية ، يجعل لكم فرقانا وتميزا بين الحقائق وحدودها واصيلها واعتباريّها فالمراد بالتّقوى التّقوى الحقيقيّة الحاصلة بالايمان الخاصّ. اعلم ، انّ حقيقة التّقوى وهي التّحفّظ عن اتّباع النّفس في الصّغير وعن اتّباع أصل الشّرور واظلاله في الكبير لا تحصل الّا باتّباع العقل في الصّغير وباتّباع علىّ (ع) في الكبير واتّباع العقل أيضا لا يحصل الّا باتّباع علىّ (ع) وقبول ولايته بالايمان الخاصّ ، لانّ الإنسان ما لم يدخل في الولاية ولم يدخل الايمان في قلبه لا ينفتح باب قلبه وكلّ ما فعل باعتقاده من آثار التّقوى كان صدوره من نفسه وغايته راجعة الى نفسه ، فما تصوّره انّه كان تقوى لم يكن تقوى ، وإذا قبل الولاية بشرائطها المقرّرة عندهم انفتح باب قلبه واقبل الى الوحدة وأدبر عن الكثرة وحصل له امتثال امر الله بالإقبال عن الكثرة ، فكلّما فعل من هذه الجهة كان تقوى من طرق النّفس والكثرة مغيّى بالوحدة ، فكلّما قرأ آية من آيات الايمان وهو القرآن رقى درجة من درجات الايمان وهي درجات الجنان ، وكلّما رقى درجة من درجات الايمان حصل له نور به يبصر الكثرات واعتباريّتها والوحدة واصالتها حتّى إذا وصل الى آخر مراتب التّقوى وهو الفناء الذّاتيّ والتّقوىّ الحقيقيّة حصل له آخر مراتب الفرقان وهو الحشر الى اسم الرّحمن والمالكيّة لما سوى الرّحمن وكأنّه للاشارة الى حصول الفرقان بتدريج الارتقاء أتى بالمضارع الدّالّ على الحصول بالتّدريج ، أو المراد ان تنتهوا في تقوى الله بالفناء من أنفسكم يجعل لكم فرقانا حاصلا بالحشر الى الرّحمن وهذا الفرقان هو النّبوّة أو الرّسالة أو الخلافة