(وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) الّتى تحتاج الى التّعمّل في الزّوال الّتى هي الحدود الظّلمانيّة والتّعيّنات الّتى هي مساوي الإنسان إذ بعد حصول الفرقان لا يرى الّا مراتب الوجود الّتى هي مراتب النّور لا حدوده الّتى هي مراتب الظّلمات الّتى بعضها فوق بعض (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) مساويكم الّتى لا تنفكّ عن الإنسان وهي تبعة المراتب ونقائصها (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) من قبيل اقامة السّبب مقام المسبّب اى ويتفضّل عليكم لانّ الله ذو الفضل العظيم ذكر أوصافا اربعة : النّور الفارق ، وتكفير المساوى ، وإزالتها بواسطة النّور وغفران الصّغائر ، والفضل العظيم الّذى لا يحدّ ولا يوصف (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ) واذكر أو ذكّر إذ يمكر بك (الَّذِينَ كَفَرُوا) تذكير لما أنعم عليه من النّجاة مع غاية مكر قريش حين اجتمعوا وتشاوروا في دار النّدوة واجتمع رأيهم على قتله بالاتّفاق حتّى يكون من كلّ قبيلة رجل فيتفرّق دمه على القبائل ولا يتيسّر لبني هاشم القصاص ، وقصّتهم مذكورة في الصّافى وغيره (لِيُثْبِتُوكَ) بالحبس (أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ) وإذ يمكرون بأىّ نحو يتصوّر فهو معطوف على يمكر أو هو عطف باعتبار المعنى كأنّه قيل : مكروا ومكر الله ويمكرون في الحال (وَيَمْكُرُ اللهُ) بأخذهم من حيث لا يعلمون أو هو استيناف (وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) من حيث لا يمكن الاطّلاع على سبب اخذه لغاية خفائه ومن حيث لا يتخلّف المقصود من مكره (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) عطف على يمكرون (قالُوا قَدْ سَمِعْنا) استهزاء (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) قيل قائله النّضر بن الحارث بن كلدة الّذى قتل يوم بدر بعد أسره على يد علىّ (ع) (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) اسمار الاوّلين فانّه يكنّى بالاساطير عنها (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) قيل : قائله كان بمكّة قبل الهجرة حين ادّعى النّبىّ (ص) النّبوّة ووعد قريشا انّهم يملكون بتصديقه (ص) ملوك الأرض وقائله كان النّضر أو أبا جهل ، وقيل : قائله ابو جهل يوم بدر ، وقيل : قائله كان بغدير خمّ ، وقيل : بمدينة بعد غدير خمّ (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) يعنى انّ لهم امانين من عذاب الله أنت والاستغفار ، فما دمت فيهم لم يعذّبهم ، وما داموا استغفروا أيضا لم يعذّبهم ، وتكرار الفعل واختلافهما في الخبر للاشارة الى انّ كلا منهما أمان بالاستقلال والاوّل أتمّ وأقوى فانّ الإتيان بلام الجحود في خبر كان للمبالغة (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) يعنى انّ امهال الله ايّاهم ليس بسبب من أنفسهم بل ليس من قبل أنفسهم الّا استحقاق العذاب (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يعنى يمنعون النّاس عن البقعة المخصوصة أو عن نبوّة النّبىّ (ص) ويمنعون النّاس في العالم الصّغير عن الدّخول في المسجد الحرام الّذى هو الصّدر المتّصل بالقلب أو يعرضون ، وعلى هذا ان كان النّزول خاصّا فالمقصود عامّ يشمل الامّة المنافقة المنحرفة الى انقراض العالم (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) كما يفتخرون بأنّهم أولياء البيت وكما افتخروا بأنّهم أولياء محمّد (ص) وغصبوا حقّ علىّ (ع) (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) بالتّقوى العامّة أو الخاصّة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) معنى ولاية البيت وانّ ولاية البيت مخصوصة بمن اتّقى عن الشّرك واتّباع النّفس وهواها (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) المكاء الصّفير ، والتّصدية التّصفيق كانوا يطوفون