بيان لسببيّة عدم الظّلم خصوصا على قاعدة انّ الاعدام لا سببيّة لها لشيء أصلا وما يقال : عدم الشّرط سبب لعدم المشروط فهو بالمقايسة الى الملكات ، والظّلّام من صيغ النسب كتمّار لا من صيغ المبالغة (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) اى ما هم عليه من الكفر والمعاصي المستتبعة للعقوبة كدأب آل فرعون أو هو متعلّق بقوله يتوفّى والتشّبيه تمثيلىّ والدّأب الخصلة والسنّة الّتى اعتادها وداوم عليها صاحبها (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كاقوام الأنبياء (ع) السّلف (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) استيناف جوابا للسّؤال المقدّر عن دأبهم كأنّه قيل : ما كان دأبهم؟ وما فعل بهم؟ (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ ذلِكَ) العقاب عقيب الكفر والعصيان بانّ عادة الله جرت بان يغيّر النّعمة عقيب تغيير صاحب النّعمة حاله فحقّ العبارة ان يقال بانّ الله يغيّر ما بقوم من نعمة بتغييرهم أحوالهم لكنّه قال (بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) افادة للحصر مع هذا المعنى ونفى التّغيير عنه لا التّصريح بنسبة التّغيير اليه ابتداء (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فيسمع مقالّتهم السّوءى ويعلم تغييرهم حسن أحوالهم فيجري عادته بتغيير نعمته (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) يعنى ذلك التّغيير المستتبع لتغييرنا النّعمة المنعمة كدأب آل فرعون والتّكرار للتّأكيد ومطلوبيّة التّكرار حين الغضب (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) ولكون التّكرار للمبالغة ولا بداء اشتداد الغضب بالغضب بالغ وبدّل كفروا بكذّبوا (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) وهذا من مطلوبيّة التّطويل والتّفضيح في مقام الغضب (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) هذا أيضا من التّفضيح والتّغليط والتّطويل في مقام الغضب مثل ما بعده (الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ) قد فسّروا ببني قريظة فالمراد بالمعاهدة عهد المتاركة وفسّروا أيضا بمنافقى أصحابه فالمراد بالمعاهدة عهد البيعة والاولى التّعميم (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) سخط الله أو لا يتّقون بأسك وبأس المؤمنين (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ) ان كان المراد منافقي الامّة فجريان الأمر على يد علىّ (ع) (فَشَرِّدْ بِهِمْ) بقتلهم والنّكاية فيهم (مَنْ خَلْفَهُمْ) من سائر الكفّار بان يتسامعوا بشدّة بأسك بقتل المقاتلين فلا يطمعوا في مقاتلتك وهو امر بشدّة نكايتهم على أبلغ وجه (لَعَلَّهُمْ) اى من خلف المقاتلين (يَذَّكَّرُونَ) صدق نبوّتك وشدّة بأسك (وَإِمَّا تَخافَنَ) زيادة ما على اداة الشّرط هنا وفي سابقه ولحوق نون التّأكيد للمبالغة في لزوم الجزاء (مِنْ قَوْمٍ) معاهدين بقرينة قوله (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ خِيانَةً) في العهد بنقضه بان يلوح لك اثر المخالفة ونقض العهد ، نقل انّها نزلت في معاوية لمّا خان أمير المؤمنين (ع) وهو ممّا قلنا انّه ممّا جرى على يد علىّ (ع) (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) عهدهم ولا تراعه مشتملا (عَلى سَواءٍ) اى استواء معهم أو حالة مساوية لحالهم في نقض العهد فانّه منك غير مذموم بعد ابتدائهم بنقض العهد (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) تعليل للأمر بنبذ العهد يعنى انّ الخائنين لا جهة محبّة لهم حتّى تراعيها ولا تنقض عهدك معهم (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وضع المظهر موضع المضمر تصريحا بكفرهم وتفظيعا لهم (سَبَقُوا) فاتوا عنّا أو غلبوا ولعلّه كان انسب لانّه لرفع الخوف