هذا نظير براءة من الله في نيابة المصدر عن الفعل والعدول الى الرّفع (إِلَى النَّاسِ) وهذا من التّكرار المطلوب في مقام التّهديد والغضب (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) سمّى يوم النّحر بالحجّ الأكبر في مقابل العمرة ، أو لانّ في يوم النّحر معظم افعال الحجّ ، أو لانّه كان سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) اى بانّ الله ورسوله عطف على المستتر في بريء وقرء بالنّصب عطفا على اسم انّ (فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) هذا أيضا من التّكرير المطلوب في مقام التّهديد (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) من قبيل استعمال الضّدّ في الضّدّ تهكّما (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) استثناء من المشركين لبيان بقاء عهد غير النّاكثين (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً) من شروط العهد (وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً) فانّ نقض الشّروط ومظاهرة العدوّ نقض فعلىّ (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) من نقض العهد بلا سبب (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) هي أشهر السّياحة الّتى جعلها الله حرما لامان المشركين (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) من حلّ وحرم (وَخُذُوهُمْ) بالأسر (وَاحْصُرُوهُمْ) عن المسجد الحرام (وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) لئلّا يبسطوا في البلاد (فَإِنْ تابُوا) بالتّوبة النّبويّة (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) بانقياد احكام الإسلام (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) لانّهم حينئذ يكونون أمثالكم ولهم مالكم وعليهم ما عليكم (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) يغفر ما صدر عنهم بالتّوبة (رَحِيمٌ) برحمهم بالإسلام واقامة احكامه (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) من شرّ المؤمنين أو من غيرهم طلبا للأمان في الدّنيا (فَأَجِرْهُ) فانّ التّوجّه إليك وان كان للدّنيا له حرمة فلا تهتكها كما انّ لنحلة الإسلام بواسطة التّشابه بالإسلام واقامة احكامه لها حرمة وغاية الاجارة سماع كلام الله وفيه حصول المقصود من ارسالك (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) فانّ في سماع كلام الله كسرا لسورة عنادهم واستمالة لهم الى الحقّ ومقاتلتك ليست الّا لذلك (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) بعد ارادة العود الى وطنه بان لا يتعرّض أحد من المسلمين له حتّى يبلغ بأمان منك وحافظ من المسلمين ان احتاج اليه الى وطنه أو المكان الّذى هو مأمنه (ذلِكَ) الإلجاء حين الالتجاء وإبلاغ المأمن حفظا لحرمة التّوجّه إليك وان كان لأغراض دنيويّة وانتظار سماع كلام الله (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) لاشتداد جهلهم بحيث ستر جهة علمهم الّذى هم مفطورون عليها وبسماع كلام الله يضعف جهة جهلهم ويظهر جهة علمهم فيرجى منهم قبول قولك بعد ظهور جهة علمهم (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) استفهام إنكارىّ في معنى النّفى وفيه معنى التّعجّب اى لا يكون للمشركين عهد عند الله وهو جواب لسؤال مقدّر كأنّه قيل : كيف يصحّ الغدر ونقض العهد؟ ـ فقال ليس لهم عهد (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) عن نقض العهد (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) تكرار كيف لمناسبة مقام الّذمّ والسّخط