(لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا) قرابة أو حلفا وعهدا (وَلا ذِمَّةً) عهدا على التّفسير الاوّل لإلّا أو حقّا في ذمّتهم على التّفسير الثّانى (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) عمّا يقولون بأفواههم (وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) خارجون عن حكومة العقل وحكومة خليفة الله وذكر الأكثر لانّ بعض الكفّار لهم حالة انقياد لطاعة العقل ان نبّههم منبّه (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) استيناف في موضع التّعليل لفسقهم والآيات اعمّ من الآيات التّكوينيّة النّفسانيّة والآفاقيّة والتّدوينيّة (ثَمَناً قَلِيلاً) من الاعراض الدّنيويّة والأغراض الفاسدة والتّمتّعات الفانية (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) اعرضوا أو منعوا عن سبيله التّكوينىّ وهو سبيل العقل في العالم الصّغير أو عن سبيله التّكليفىّ وهو النّبوّة أو الولاية (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من اشتراء الآيات والصّدّ عن السّبيل فانّ وباله لا يرجى غفرانه (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ) التّكرار باعتبار مطلوبيّة التّكرار في مقام الّذمّ والسّخط (إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) الكاملون في الاعتداء (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) التّكرار هنا أيضا من التّكرار المطلوب (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ) التّكوينيّة بالآيات التّدوينيّة (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) جمع اليمين بمعنى العهد لانّ العهد ينعقد باليمين أو لأنّ العهد شبيه باليمين بمعنى الحلف (مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) وضع المظهر موضع المضمر اشعارا بوصف ذمّ لهم (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) فانّ الايمان إذا لم تقترن بالوفاء كان وجودها كالعدم (لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) عن الكفر والغدر في الايمان ، اعلم ، انّ تنزيل الآيات في المشركين بالله وتأويلها في المشركين بالولاية فانّ كلّ من بايع محمّدا (ص) أخذ عليه ان لا يخالف قوله فكلّ من خالف قوله في علىّ (ع) نكث عهده ويمينه كأصحاب السّامرىّ وعجله وكأصحاب الصّفّين وكلّ من بايع عليّا (ع) ثمّ خالفه كأصحاب الجمل والنّهروان فقد نكث عهده ويمينه لكنّ القتال ما وقع الّا مع أصحاب الجمل والصّفّين والنّهروان وفي الاخبار ورد تفسيرها بحسب التّأويل بالمشركين بالولاية (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) تحريص على القتال وتكرير للحكم بلفظ آخر لاقتضاء مقام الغضب له (وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ) قبل الايمان فانّ مشركي مكّة قبل المعاهدة والحلف مع الرّسول (ص) همّوا بإخراجه عام الهجرة فانّ المشاورة والهمّة بإخراجه كانت عام الهجرة قبل الهجرة كما مضى حكاية مشاورتهم في دار النّدوة والمعاهدة والايمان كانت عام الحديبية وعام فتح مكّة (وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) بالمعاداة ومقابلة البادي بالمقاتلة كان جزاء عمله لا تعدّى فيها (أَتَخْشَوْنَهُمْ) لا ينبغي لكم ان تخشوهم مع كونكم مؤمنين بالله مستظهرين به تجرئة لهم (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) شرط تهييج فانّ ايمانهم العامّ محقّق وهو يقتضي الاستظهار به وعدم الخوف من غيره والخوف من سخطه (قاتِلُوهُمْ) تكرار باعتبار اقتضاء السّخط ولبيان العلل المختلفة والغايات المترتّبة فانّ قوله : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) ؛ معلّل بأنّهم لا ايمان لهم وقوله : (أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا) ؛ الّذى هو في معنى قاتلوا معلّل بنكث الايمان وهمّة إخراج الرّسول والبدأة في القتال ، وقوله (قاتِلُوهُمْ) مغيّى بتعذيبهم على أيدي المؤمنين