والعمدة مطلوبيّة التّكرار لاقتضاء مقام السّخط له (يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) ذكر غايات خمس : الاوّل ـ تعذيبهم بالنّسبة الى من يقتل ويجرح ، ونسب التّعذيب الى أيدي المؤمنين للاشارة الى انّ أيديهم كما انّها أجزاء لهم ومنسوبة إليهم كذلك هي آلات لفعله تعالى وواسطة اثره ، والثّانى ـ اخزاؤهم بالاذلال وإتلاف المال بالنّسبة الى من سلم من القتل والجرح وهما راجعان الى الكفّار ، والثّالث ـ ظهور نصرته وغلبة المؤمنين عليهم فانّه لولا المقاتلة لم يظهر النّصرة ، والرّابع ـ شفاء صدور المؤمنين واستعمال الشّفاء والتّشفّى منتسبين الى الصّدر وباعتبار الألم الّذى يصل إليها من اعتداء المعتدى ، والخامس ـ اذهاب غيظ قلوبهم وغيظ القلوب عبارة عمّا يحمل الإنسان على ارادة الانتقام وهو ناش من الم القلوب ، وهذه الثّلاثة بالنّسبة الى المؤمنين ونسبة الشّفاء واذهاب غيظ القلوب الى قوم من المؤمنين للاشارة الى انّ بعض المؤمنين لا يتألّمون من اعتداء المشركين بل يرون اعتداءهم سائقا لهم الى ربّهم ، كما انّ مرافقه مولاهم قائدة لهم وقوله بالفارسيّة «در بلا هم مى چشم لذّات أو» اشارة الى هذا (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) ادّاه مرفوعا بصورة الاستيناف للاشارة الى عدم لزومه للمقاتلة كسوابقه لكن أتى بأداة العطف مشعرا بانّه أيضا قد يترتّب على المقاتلة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بالغايات المترتّبة على المقاتلة ولذا يأمركم بها (حَكِيمٌ) لا يأمركم الّا بما فيه صلاحكم وصلاح أعداءكم (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) على فراغكم ولا تؤمروا بالمقاتلة (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) اى جهاد المجاهدين فانّ في الإتيان بالموصول إيماء الى اعتبار حيثيّة الصّفة ولمّا كان لعلمه تعالى مراتب وبعض مراتبه مع الحادث وفي مرتبة الحادث وان كانت بالنّسبة اليه تعالى قديمة واجبة بقدمه ووجوبه تعالى صحّ نفى العلم عنه باعتبار نفى حدوث الحادث ، أو الفعل مضمّن معنى الظّهور اى ولمّا يظهر علمه بالّذين جاهدوا منكم ، أو نسبة نفى العلم اليه تعالى باعتبار مظاهره اى لمّا يعلم النّبىّ الّذى هو مظهر الله (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) عطف على جاهدوا والوليجة الجماعة الّتى يكون الشّخص مراودا لهم ومستظهرا بهم وخاصّتك من الرّجال ومن تتّخذه معتمدا عليه من غير أهلك واللّصيق بالشّخص الّذى لا ينفكّ عنه ، والمراد بالمؤمنين الائمّة كما في الاخبار لانّهم الكاملون في الايمان ولانّهم الأصل فيه وايمان غيرهم فرع ايمانهم ، ولانّهم يجعلون النّاس في أمان الله بالبيعة معهم ويجيز الله أمانهم ، ويجوز تعميم المؤمنين ، وفسّر الوليجة في الاخبار بالبطانة وبمن يقام دون ولىّ الأمر (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) فيعلم المجاهد ، وآخذ الرّسول (ص) والمؤمنين وليجة ، ويعلم القاعد ، والآخذ غير الله ورسوله والمؤمنين وليجة ، وهو ترغيب في المجاهدة والاعتماد على الله وتهديد عن القعود والاعتماد على غير الله (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ) استيناف لردّ مفاخرة المشركين بعمارة المسجد الحرام وسقاية الحاجّ وحجابة البيت وفكّ العناة كما فسّر في الاخبار ، وفيه أيضا ردع للمؤمنين عمّا يتخاطروا به من عدم جواز مقاتلة المشركين مع كونهم مباشرين لتلك الأعمال السّنيّة والمناصب الشّريفة ، والمقصود انّه ليس الاعتبار بمشاكلة صورة اعمال الأبرار وان صدرت من الأشرار بل الاعتبار بمصدر الأعمال فتعميرهم في الحقيقة تخريب لمسجد القلب حيث يراؤن ويفتخرون به ، وسقايتهم صدّ متعطّشى مملكتهم عن ماء الحيوة حيث يعجبون به ، وحجابتهم حجابة الشّيطان لبيته الّذى هو بيت النّفس ،