مخالفي علىّ (ع) والايمان ولاية علىّ بن ابى طالب (ع) ؛ وعلى هذا فليعمّ الايمان الايمان الخاصّ ، ومعلوم انّ احكام الايمان العامّ جارية في الايمان الخاصّ بل هو اولى بها من الايمان العامّ (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) حيث وضع ولايته في غير موضعها وظلم نفسه بالصّرف عن جهة الايمان الى جهة الكفر (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها) ذكر أصول مشتهيات النّفس (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ) اعلم ، انّ الإنسان واقع بين النّفس والعقل ومقتضيات النّفس هي الاعراض الدّنيويّة المعدودة وأصولها في الآية ومقتضيات العقل الأمور الاخرويّة الباقية والانزجار عن الاعراض الفانيّة ورفضها الّا من باب المقدّمة ، والمبتلى بالنّفس ومقتضياتها واقع في جهنّامها ولا محالة يكون سبيله الى السّجّين ودار الشّياطين ، والمتنعّم بالعقل ومقتضياته واقع في طرف الآخرة ولا محالة يكون سبيله الى الجنان ونعيمها ، فمن غلب عليه حبّ الاعراض فليعالج نفسه وليتضرّع الى ربّه حتّى لا يكون ممّن أو عده الله بقوله (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) من إزهاق الرّوح وحضور الموت فانّه حينئذ ينكشف له انّه كان في جهنّام النّفس وسبيله الى السّجّين (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) يعنى انّ اختيار الاعراض الفانية على الأمور الباقية فسق والفاسق لا يهديه الله الى سبيل الجنان فوضع الظّاهر موضع المضمر للدّلالة على فسقهم وعلّة تهديدهم ، روى انّه لمّا آذن أمير المؤمنين (ع) بمكّة ان لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك العام جزعت قريش جزعا شديدا وقالوا : ذهبت تجارتنا وضاع عيالنا وخربت دورنا فأنزل الله تعالى (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) (الآية) (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) فليرجّح طالب الاعراض الفانية محبّة الله ورسوله حتّى يحصل مأموله روى انّ المواطن كانت ثمانين وهي مواقع الحرب (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ وسبب غزوة حنين وهو واد بين مكّة والطّائف انّ رسول الله (ص) حين خرج لفتح مكّة أظهر انّه يريد هوازن ، وبلغ الخبر إليهم فتهيّؤا وجمعوا أموالهم ونساءهم وذراريهم وحملوها معهم وقصدوا رسول الله (ص) ، فبلغ الخبر اليه (ص) فجمع القبائل ووعدهم النّصر والغنيمة فجمع اثنى عشر ألفا وخرج من مكّة يستقبلهم ، فقال ابو بكر معجبا لن نغلب اليوم فلمّا التقى الفريقان في وادي حنين وهو واد له انحدار بعيد انهزم المسلمون هزيمة فاحشة ثمّ نصرهم الله بالملائكة فأخذوا غنائم وافرة وأسارى كثيرة بلغ عدد الأسارى ستّة آلاف ، ولمّا لم يخف نصرة الله في ذلك اليوم على أحد حتّى على المشركين حيث قال بعض أساراهم : اين الخيل البلق؟! والرّجال عليهم ثياب بيض؟ ـ وكان الغنائم والأسارى أكثر ما يكون ؛ خصّه الله بالذّكر (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) قد مضى انّ المعجب كان ابو بكر وقد ساء مقالته رسول الله (ص) (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً) من الإغناء أو شيئا من بأس الأعداء فانّ الكثرة إذا لم تكن قرينة للنّصرة لا تنفع ، والنّصرة هي المغنية سواء كانت قرينة للكثرة أو للقلّة (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ) حين غلبتم وانهزمتم (بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) عن رسول الله (ص) وعن الجهاد (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) يعنى بعد ما صرتم مغلوبين وعلمتم انّ الكثرة وتهيّة الأسباب لا تغني ولا تصير سببا للغلبة انزل الله سكينته الّتى هي سبب اطمينانكم وقوّة قلوبكم ، والسّكينة على ما فسّرت