الانتساب ولا شكّ في صحّة هذا المعنى ، ولكنّها ممنوعة في حقّه تعالى لا يهامها معناها الظّاهر والتّجسيم والتّوليد كما حمل الاتباع هذه الكلمة على ظاهرها وقالوها بمعناها الظّاهر ، ولا شكّ انّ معناها الظّاهر كفر وفرية ، ولهذا حكاها تعالى شأنه عنهم ذمّا لهم (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) نقل انّه كان يقول : انّ ابى يقول كذا ، وثبت هذا المعنى في الإنجيل (ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) لا اعتقاد لهم به بأىّ معنى كان فانّ الاعتقاد بهذا المعنى يقتضي العمل بمقتضاه وهو عدم التّخلّف عن قول من نسبوه بالنّبوّة الى الله وليس كذلك مثل قوله تعالى (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)(يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اى يضاهئ قولهم قول الّذين كفروا ، بحذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه ، والمضاهاة في عدم كون قول كلّ عن أصل وعدم موافقته للاعتقاد وكون كلّ ناشئا من محض التخيّل من غير حجّة عليه كقول المجنون ، والمراد بالّذين كفروا (مِنْ قَبْلُ) امّا اليهود على ان يكون المراد بهم النّصارى ، أو مطلق الكفّار (قاتَلَهُمُ اللهُ) باعدهم الله ولعنهم وكثيرا ما يستعمل في هذا المعنى في العرف ، ونقل عن علىّ (ع) انّه بمعنى لعنهم الله (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) عن الحقّ (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ) قد مضى انّ الأحبار علماء الملّة والرّهبان علماء الدّين والطّريقة (أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) يطلق الرّبّ على المطاع وهو الرّبّ في الطّاعة ، وعلى المعبود وهو الرّبّ في العبادة ، وعلى المدبّر في الوجود وهو الرّبّ في الوجود وبقائه ، وعلى الخالق وهو الرّبّ في الإيجاد والمقصود من الرّبّ هاهنا هو الرّبّ في الطّاعة حيث قالوا لهم : هذا حلال وهذا حرام ، وهذا من التّوراة والإنجيل ، فسمعوا منهم من غير حجّة ، والنّاس غير العلماء الالهيّين منهم لا بدّ لهم من ربّ بشرىّ يطيعونه لعدم بصيرتهم بأمر دينهم وبأمر دنياهم على وجه لا يضرّهم في عقباهم وذلك الرّبّ المطاع امّا منصوب من الله فقوله قول من الله وقول الله ، وطاعته طاعة الله ، وربوبيّته ربوبيّة الله ، وامّا غير منصوب من الله فهو غير الله وهو ناش من غير الله وطاعته غير طاعة الله فقوله (مِنْ دُونِ اللهِ) تقييد للارباب يعنى أربابا ناشين من دون الله من حيث ربوبيّتهم ، أو أربابا هم بعض من غير الله على ان يكون من للابتداء أو للتّبعيض (وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) عطف على أحبارهم يعنى اتّخذوا المسيح بن مريم ربّا في العبادة ولذا جاء به بعد تمام حكم المعطوف عليه واخّره عن الأحبار ليكون ترقّيا الى الأبلغ في الّذمّ ، ان قلت : انّ المسيح منصوب من الله فهو ربّ من الله ولا ذمّ في اتّخاذه ربّا؟! فالجواب انّ ربوبيّته في الطّاعة من حيث انّه من الله ممدوحة وامّا ربوبيّته في العبادة كما تفهم من قولهم انّه اله أو انّه ابن الله ، أو انّه ثالث ثلاثة وكذا ربوبيّته في الطّاعة من حيث انّه مستقلّ في الرّبوبيّة فهي مذمومة واشراك بالله (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً) غير مركّب في ذاته وغير متعدّد في الوجود فطاعة الرّسل ان كانت من حيث انّهم رسل الله طاعة الله وطاعتهم لا من تلك الحيثيّة ليست طاعة الله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) صفة بعد صفة أو حال أو مستأنف والمقصود منه حصر الآلهة فيه كأنّه قال: ما أمروا الّا ليعبدوا إلها واحدا محصورا فيه الآلهة (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) في الطّاعة والولاية كاشراك الأحبار والرّهبان أو في الطّاعة والعبادة والآلهة جميعا كاشراك المسيح وهو تعريض بالامّة حيث أشركوا في الولاية والطّاعة من لم ينصبه الله وللاشارة الى التّعريض قال تعالى (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) بالمضارع والّا فالمناسب لحال اليهود والنّصارى