والغضبيّة والمحرّكة وعن ضدّ الأخير بالصّلوة بمراتبها ، أتى في مقابلة قبض اليد بالصّلوة والزّكاة جميعا افادة لبسط اليد مع تفصيله لإظهار مدائح المؤمنين (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) في مقابل نسوا الله وضدّ نسيان الله تذكّر الله ولازمة المقصود منه أطاعته في أوامره ونواهيه وأطاعته في أوامره ونواهيه لا تتصوّر الّا بإطاعة رسوله (ص) فظهر وجه العدول عن يذكرون الله والاختلاف بالمضىّ والمضارعة للاشارة الى انّ النّسيان منهم قد وقع من غير تجدّد ، فانّ تجدّده يستلزم التّذكّر بخلاف الطّاعة من المؤمنين فانّها مستمرّة التّجدّد منهم (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) في مقابل : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ ،) وظاهر المقابلة يقتضي ان يقول : انّ المؤمنين هم العادلون ، أو هم المرحومون ، أو يقول هناك : أولئك سيعذّبهم لكن لمّا كان السّورة والآية لتوعيد أهل الوعيد ووعد المؤمنين وكلّ ما ذكر فيها كان لتقريع أهل الوعيد ولزيادة حسرتهم والمناسب لمقام الغضب والوعيد التّسجيل بالوعيد والتّغليظ بالتّأكيد والتّطويل ، وكان النّفاق أصل جملة الشّرور والفسوق ومورث جملة العقوبات وكان نسبة الغضب الى الله بالعرض ونسبة الرّحمة اليه بالّذات ، وكان الناسب لمقام الوعد التّسامح فيه والإتيان بعسى ولعلّ واداة التّسويف ، والايمان وان كان أساس جملة الخيرات لكن قد ينفكّ الخيرات عنه كما قال (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) أتى في الاوّل بجملة اسميّة مؤكّدة بالمؤكّدات الاربعة مفيدة للتّسجيل غير مصرّحة بنسبة الغضب اليه ، وفي الثّانى بجملة مصدّرة باسم الاشارة البعيدة تفخيما وإحضارا للاوصاف المذكورة للمؤمنين مختتمة بالجملة الفعليّة المصدّرة بأداة التّسويف المصرّحة بنسبة الرّحمة اليه تعالى (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يعجز عن إنجاز وعده ووعيده ولا يمنعه منه مانع (حَكِيمٌ) لا يعد الّا على وفق حكمته الّتى تقتضي الإعطاء والمنع بحسب القابليّات (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) في مقابل وعد الله المنافقين (الى آخرها) (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) اى جنّات الاقامة وهي منتهى مراتب الجنان الّتى لا يتجاوز عنها بخلاف سائر مراتبها ، فانّها يتجاوز عنها وهي مقام آل محمّد (ص) واتباعهم (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) لمّا كان وعد الخير منبئا عن الرّضا فكأنّه قال : فلهم رضوان من الله ورضوان من الله أكبر من كلّ ذلك ، أو المقصود انّ هذا النّوع من الموعود أكبر من غير التفات الى التّفضيل (ذلِكَ) الرّضوان (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) اعلم ، انّ أعلى مقامات السّالكين الى الله هو مقام الرّضا كما سبق ولذا لم يذكره تعالى في الأغلب الّا وعقّبه بما يدلّ على تفخيمه (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالجهاد الصّورىّ والقتال بنفسك (وَالْمُنافِقِينَ) بمظاهرك وأوصيائك فانّه لم يقاتل المنافقين ومن هنا علم وجه تأخير المنافقين هنا مع انّ المقام للتّغليظ على المنافقين وذكر الكفّار لمحض بيان مساواة المنافقين لهم لذمّ آخر للمنافقين ، ولذا أخّر الكفّار في الآية السّابقة أو جاهد الكفّار والمنافقين في العالم الكبير وو الصّغير بنفسك أو باوصيائك أو باتباعك المؤمنين ، فانّ المؤمنين أيضا مأمورون بالجهاد مع كفّار وجودهم ومنافقيه بالقتال الصّورىّ والمعنوىّ وبالمحاجّة والمجادلة الحسنة وبالمداراة وحسن العشرة وبإدخالهم تحت سلطنتك وأخذ الجزية والزام الفرائض والحدود على منافقي أمّتك ، فما ورد في الاخبار في تفسير الآية مع اختلافها غير مختلف معنى (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) امّا جملة دعائيّة أو ذمّيّة فلا إشكال في عطفها على الإنشاء ولا في عطف ما بعدها عليها أيضا ، أو جملة