القرآنيّة والاخبار المعصوميّة والأحكام الشّرعيّة خصوصا في حقّ من جعلها وسائل للأغراض الدّنيويّة ، والحاصل انّ كلّ ادراك يكون سببا لسلوكه الفطرىّ على الطّريق الانسانىّ ولاشتداد مداركه الانسانيّة وازدياد إدراكاته الاخرويّة يسمّى علما ، وكلّ ادراك يكون سببا لوقوفه عن السّلوك أو لرجوعه عن الطّريق الى الطرق السّفلية الحيوانيّة يكون جهلا بل الجهل السّاذج يكون أفضل منه بمراتب ؛ إذا تقرّر هذا فتفصيل الآيات تكوينا وتدوينا لا يكون الغرض منه الّا ادراك من له صفة العلم لعدم انتفاع الغير به (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) جواب لسؤال ناش عن السّابق وهكذا الجمل المذكورة فيما بعد الّتى لا عاطف فيها (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) لمّا كان الشّمس والقمر من الآيات الظّاهرة علّق كونهما آية على صفة العلم الّتى هي اوّل مراتب الانسانيّة بخلاف سائر المخلوقات وبخلاف اختلاف اللّيل والنّهار ولذلك علّق كونهما آية على التّقوى الّتى مرتبتها فوق مرتبة أصل العلم فانّ التّقوى عمّا يتّقى بعد العلم بما يتقى (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) جواب لسؤال ناش عن تعليق الآيات على العلم والتّقوى ، وعدم رجاء اللّقاء كناية عن عدم العلم فانّ العالم بالله طالب للقائه والطّالب راج كما انّ قوله (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها) كناية عن عدم التّقوى لانّ الاطمينان بالحيوة الدّنيا مضرّ بالحيوة العليا ومفنيها (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) من قبيل عطف المسبّب عن السّبب (أُولئِكَ) تكرار المسند اليه والتّعبير عنه باسم الاشارة لتصويرهم واستحضارهم بالأوصاف المذكورة (مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) فانّ الغافل كلّما كسب كان جاذبا له الى السّفل والجحيم وان كان كسبه صورة الصّلوة والصّيام (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة أو بالبيعة الخاصّة (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) اى البيعة الخاصّة وشرائطها أو شرائط البيعة الخاصّة والأعمال الّتى كلّفوا بها فيها (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ) المضاف الّذى هو ولىّ أمرهم الى ملكه وولايته على الاوّل والى ملكوته على الثّانى (بِإِيمانِهِمْ) بإسلامهم أو بايمانهم الخاصّ أو يهديهم في الآخرة الى الجنّة (تَجْرِي) حال أو مستأنف جواب سؤال (مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) متعلّق بتجرى أو ظرف مستقرّ حال متداخلة أو مترادفة أو مستأنف جواب لسؤال مقدّر بتقدير مبتدء محذوف (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) مستأنف أو حال من جنّات النّعيم أو من المؤمنين على التّرادف أو التّداخل (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ان هي المخفّفة. اعلم ، انّ في الآية اشارة اجماليّة الى درجات المؤمنين ومقامات السّالكين فانّ ، آمنوا اشارة الى البيعة الاسلاميّة ، وعملوا الصّالحات الى البيعة الايمانيّة والأعمال القالبيّة والقلبيّة أو المجموع الى البيعة النّبويّة والأعمال القالبيّة ، ويهديهم الى البيعة الولويّة الايمانيّة والأعمال القلبيّة والسّلوك من مقام النّفس الى مرتبة القلب ، وتجري من تحتهم الأنهار اشارة الى سيرهم فوق مرتبة القلب في مراتب الرّوح والعقل ، ودعواهم فيها سبحانك اللهمّ اشارة الى انتهاء سيرهم وآخر مراتب فناءهم وهو فناؤهم عن ذواتهم وعن فنائها ، وتحيّتهم فيها سلام اشارة الى بقاءهم بالله في الله من غير صحو وبقاء فانّ فيه السّلامة على الإطلاق